لم أسمع أيا من المشايخ الحقيقيين، الذين يستحقون لقب شيخ بجدارة، يصف نفسه بالشيخ ويحرص على أن يسمعها (الصفة) تنطلق من أفواه محدثيه حين يخاطبونه، فهذا اللقب ليس علميا، بمعنى أنه منح بشهادة ووفق شروط أكاديمية، ولا دينيا كالألقاب الكنسية، أو مراتب علم معتمدة في الحوزات الشيعية.. هذا كما أعرف، رغم معرفتي القليلة بالألقاب، لقب اجتماعي يطلق من باب التأدب والاحترام وفقا للأعراف التي تحكم حياة عصرنا. لم تطلق على أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضوان الله عليهم ألقاب وصفات تمجيدية وتفضيلية، وهم أكثر الناس طهرا وعلما وقربا من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وسنته المطهرة. لماذا إذن كل هذا الإصرار على اللقب الذي إن لم يطلق على بعض دعاة عصرنا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها. لأن هؤلاء ببساطة، وأرجو الله ألا أكون على خطأ، متوارون خلف تلك الألقاب، التي من دونها سيكشف المرء أمامه أناسا، لا قوة لهم ولا علم ولا مكانة ولا منزلة ولا معرفة. وبما أن لقب «شيخ» جزء من تركيبتنا الاجتماعية العربية كما أن العرف اقتضى توقير أهل العلم وإعلاء منزلتهم وإضفاء نوع من الاحترام، فلا بأس أن يقتصر هذا اللقب، الذي يحمل مدلولات «لغوية» توحي بالرفعة والتسيد والوصاية، على أعضاء هيئة كبار العلماء وأئمة الجوامع «الخطباء»، والقضاة، ومن يحملون التأهيل العلمي بالشريعة، وتتم إجازتهم من الهيئات الشرعية المعتبرة. فإني لا أتصور أبدا أن يتساوى بعض من يتسمون بهذا اللقب «ومن دون ذكر أسماء» مع مشايخ أمثال ابن باز وابن عثيمين وعبدالله بن حميد رحمهم الله جميعا كيف يتسمى «شيخ» من يسعى لإظلام المجتمع وتشويه الدين وتخوين المسلمين وتكفيرهم، وبعض هؤلاء لم يسلم من شرورهم حتى الأموات الذين، وهم في قبرهم راقدون، نالوا شماتاتهم وأكاذيبهم وافتراءاتهم عليهم.. هؤلاء ثلة ظالمة ومظلمة من البسطاء والجهلة الذين يعانون من الفراغ، مؤمنون أشد الإيمان بأن وضع «البشت» وإطالة «الذقن» و «تقصير الثوب» والالتزام «الأعمى» بالسنن الظاهرية سيجعلهم أهل علم وصلاح وشيوخا، وشهدنا من تجاوزاتهم تنصيب أنفسهم نوابا لرب العزة والجلال في الأرض، يجرمون هذا ويكفرون ذاك ويطلقون الأحكام من دون أدلة ولا شواهد. هؤلاء الظلاميون لم تستقبلهم صحافتنا الشريفة الوسطية التي تطرح الرأي والرأي الآخر، لما يخدم البلاد والعباد، فاضطروا كي يشبعوا غرائزهم بالتقاطر على «مزابل» الإنترنت التي هي الأخرى، والحمد لله، كرهت بعض طروحاتهم المريضة التي كشفت انعدام المروءة والأخلاق في شخصياتهم الهزيلة والمهزوزة. يدعي أحدهم الكمال منزها نفسه عن الأخطاء متناسيا قول الله تعالى: {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمنِ اتقى}، يدلي بفكره الممتلئ بالكره بما يتنافى وسماحة الدين، ويزايد علينا وكأنه لا يعرف أن المملكة تتخذ القرآن دستوراً، وجميع مواطنيها مسلمون حقيقيون، وتجعلنا تخبطاتهم نشك في ارتباطات مشبوهة لبعضهم نظرا لما يشكلونه من خطر على الدين والدولة. لم نمنح هؤلاء لقبا يكبرهم ويمنحهم قيمة ويعلي شأنهم؟ فلا مكانة لهؤلاء الساعين لقتل السماحة في دواخلنا والزاعمين كذبا أنهم يدافعون عن الدين، كلا، لسنا أرضا صالحة ل «الحركيين» و «المتطرفين» و «أهل الفتنة»، نحن مسلمون سعوديون، سنحترم المخلص لدينه والخادم لوطنه والحريص على هذه الأرض، والله أعلم بمن اتقى. [email protected]