أثلج صدر أمة الإسلام التوجيه الملكي الحكيم بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء، والتأكيد على تفعيل المؤسسات الشرعية في البلاد لتضطلع بدورها المناط بها في توجيه العباد، وتبعدهم عن رياح الجهل التي عصفت بمقاصدها الماكرة، لتحرك الفتن وتخلق اللبس وسوء الفهم. جاء قرار والدنا خادم الحرمين الشريفين لتعزيز هيبة المؤسسة الشرعية، ولإعلاء منزلة أهل العلم، وكي يعلم كل من يتجاوز ذلك ويتعدى عليه، أنه في حكم المتجاوز لأنظمة الدولة التي تضرب بيد من حديد إذا حاول كائنا من كان التمادي على حرمات مؤسساتها الشرعية. يحق لنا أن نحتفي بهذا القرار التاريخي لأنه سيحمي مجتمعنا من جهالات المتطرفين والتكفيريين والمتلاعبين من أهل الآراء الشاذة، فالمجتمع المتدين بالفطرة يمنح ثقته لكل من يتوسم فيه الخير وسلامة الفكر ونقاء السريرة اعتمادا على مظهره من دون إطلاع على الجوهر. ويظهر بلا شك أن من هؤلاء مدعي التدين والصلاح والعلم من تفنن في تشويه صورة المملكة في الخارج، وكأن قلب الأمة وضميرها يخلوان من أهل العلم الراسخ والفكر الوسطي السليم، حكمة ولي الأمر تدخلت لتقول: لا تلاعب ولا تنطع ولا افتئات، فالدين أسمى من جهالات الجاهلين، وأنقى من تطرف المتطرفين، لن يقبل بلدنا التجرؤ على الدين، فهذا في مقاييسنا اعتداء على الدستور، ولا دولة على وجه الأرض تتهاون مع منتهك قدسية دستورها. لقد بات واضحا بعد القرار الحكيم أن الاحتساب يجب أن يتم عبر مؤسسات الدولة الشرعية، فلا بيانات تكتب في الظلام وتتقصد شحن ساحات الشأن العام أكثر من أن تؤدي غرضها في نصح المسؤول الذي توجه إليه ما يجعل نوايا ومقاصد كاتبيها والموقعين عليها محل الشكوك لأن شرورها على وحدة الوطن لا تخفى على عاقل. القرار الملكي الحكيم أعاد منابر الرحمن إلى أصلها الإرشادي والتوجيهي المجرد من الشخصنة والآراء التي تثير اللغط، ومن مناقشة القضايا التي ليس مكان تناولها خطب الجمعة. جاء القرار للمصلحة العامة التي يقدرها ولي الأمر والتي سيظهر أثرها الإيجابي عندما تعرف المؤسسات الشرعية دورها وتعي أهمية التفاعل مع المجتمع لتحقيق المراد. أما من حاول تجاوز ذلك فسيلقى الجزاء الرادع إذا سولت نفسه فعل ذلك، وسيدرك وقتها أن هذا القرار كغيره من القرارات حازم وجازم. [email protected]