لكل منطقة ومدينة عاداتها الرمضانية، التي تحافظ عليها وتتوارثها جيلا بعد جيل، وتأتي جازان في مقدمة هذه المدن التي يحافظ سكانها على الموروث، ومنها طلاء المنازل وتزيينها مع إطلالة الشهر الكريم. ويقول محمد عابد: إن من العادات الرمضانية القديمة في جازان اجتماع الرجال في ليالي الشهر في الشوارع والأزقة للسمر، والاستماع لقصص وحكايات ومغامرات البحارة، في رحلات الصيد والرزق الوفير الذي عاد به من قلب البحر، وأيضا ما تعرضوا له من مخاطر في رحلاتهم البحرية تلك.. وكانت جلسات السمر تلك ما تميز ليالي رمضان عن بقية ليالي الأشهر الأخرى. وذكر كل من علي إبراهيم وأبكر علي، أن شهر رمضان في جازان تنشط فيه العلاقات الاجتماعية بشكل كبير، فتجد الأسر تتبادل وجبات الإفطار كعادة اجتماعية تعودوا عليها منذ القدم، وبعد الإفطار لشرب القهوة والتسامر. يقول أبكر علي: «قديما كنا نجتمع على شاطئ البحر، وإذا تغيب أحدنا عن الحضور يبادر الجميع بالذهاب إليه للاطمئنان، كنا نجتمع بعد الانتهاء من أداء الصلوات والعبادات في المركاز لنتسامر ونتسلى بلعب (الضومنة)، وكان لرمضان طعم ومذاق خاص، ولكن بعد المد الجارف للفضائيات والمسلسلات التي غزت المنازل، ساهمت في تغيير واندثار هذه العادات الجميلة». وللنساء في جازان عاداتهن، وهنا بينت أم خالد، أنه مع بداية شهر رمضان تستعد النساء بتجهيز المنازل وتزيينها، «وكنا في الماضي نستيقظ من الصباح الباكر لتجهيز لوازم الإفطار، فنطحن الحب في المطحنة، وهي عبارة عن قطعتين من الصخر المنحوت الأولى على شكل مسطح يوضع عليها الحب، والأخرى على شكل عامود مخروطي، وكنا نطحن الحبوب لتجهيز الشوربة عكس اليوم، وبعد الإفطار تستعد النساء لزيارة الجيران، فيما يجتمع بعضهن لإنجاز بعض الأشغال اليدوية كعمل الكوافي والقبعات يدويا باستخدام الإبرة والخيط». وخلصت أم خالد، «كنا نستيقظ على ضوء أحد النجوم الذي يرشدنا إلى وقت السحور».