في يوم الإثنين 14/8/1431ه انتقل إلى جوار ربه الكريم عبدالله علاء الدين رئيس الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف ورئيس مؤسسة تركيا، ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا. وإنني من منطلق قول النبي عليه الصلاة والسلام (اذكروا محاسن موتاكم)، وبحكم أنني شاهد عصر الطوافة الفردية سابقا وعصر المؤسسات التي أسستها وزارة الحج والأوقاف سابقا لخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام الذين يأتون من شتى بقاع العالم؛ لأداء فريضة الحج التي فرضها الله عز وجل عليهم في العمر مرة واحدة كما قال الله عز وجل (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، وكما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: يا رسول الله أفي كل عام، فقال عليه الصلاة والسلام: لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم). إن عبدالله رحمه الله إلى جانب كونه مطوفا أساسيا وقديما يحمل هم الطوافة ويمارسها بكل اقتدار كان نائبا لرئيس مؤسسة تركيا السيد جعفر شيخ رحمه الله الذي تأسست هذه المؤسسة في عهده وكسب الشيخ عبدالله عمر علاء الدين ثقة السيد جعفر في خدمة الحجيج. وكانا يتعاونان في تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن. وإنني من خلال معايشتي لأمور الحج والحجاج كمدير عام للتوعية الإسلامية في وزارة الحج والأوقاف آنذاك ووزارة الحج حاليا، وأمثل منذ عام 1398ه وحتى الآن الوزارة في هيئة التوعية الإسلامية في الحج التابعة للرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد التي كان سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن بارز يرحمه الله يرأسها ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد حاليا برئاسة الشيخ صالح بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، كان الشيخ عبدالله يتعاون مع الدعاة ويسهل أمورهم لدى المؤسسات في أداء واجبهم نحو الحجاج. إن عبدالله علاء الدين رحمه الله كان لا يشغله شيء عن أمور الحج والحجاج، فحديثه دائما عن ذلك، وكان كل ما اجتمعت معه ملما بكل ما له علاقة بأمور الحج حتى لكأن الحج والحجاج مسيطرين على ذهنه في كل وقت وحين، ومنذ أن يغادر الحجاج مكةالمكرمة إلى أوطانهم سالمين غانمين وحتى قدومهم مرة أخرى تفكيره دائما في تطوير المؤسسات وحسن أدائها من حيث التدريب على الأداء وحسن الخدمة والتعامل مع الحجاج وكيفية نيله ثقتهم الكريمة. ولقد شاهدت بنفسي تعاطفه مع الحجاج ومشاكلهم ومعالجتها بكل جهد مبذول منه رحمه الله مما جعل الحجاج يثنون عليه كثيرا ويدعون له، فالحجاج وأصحاب الشركات التي تتعامل مع المؤسسة عندما يزورون الوزارة ويمرون على مكتبي للاستفسار وتزويدهم بالكتب أسمع منهم الثناء العاطر على الاستاذ عبدالله مما جعلني أغبطه على هذه الثقة ودائما يلهج الحجاج وأصحاب الشركات بالدعاء له رحمه الله. إن الأخوة في المؤسسات جميعا رؤساء وأعضاء مجالس إدارات المؤسسات ومجموعات الخدمة الميدانية يعملون ما وسعهم العمل على أداء هذه الخدمة التي شرفهم الله بها، وهي خدمة ضيوف الرحمن سبحانه وتعالى وهي مزية وشرف لأهل هذا البلد دون غيرهم في أداء هذا الواجب الكبير، فمهما نالهم من المشقة والتعب مما يستدعي الابتعاد عن خدمة الحجاج، وما إن يقترب الموسم إلا ويحسون برغبة شديدة في قرارة أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن وهذا في نظري تسخير من الله لأهل هذا البلد في تكريم ضيوفه. إن من شرفهم الله بخدمة الحجيج هم جزء لا يتجزأ من هذا الكيان الكبير المملكة العربية السعودية التي يقوم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين و النائب الثاني بتسخير كل إمكانات الدولة المادية والمعنوية لخدمة الحجاج في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ويبذلون كل غال ونفيس في سبيل أداء هذا الواجب الكبير نحو ضيوف الرحمن، فقد شرف الله هذه الدولة المباركة وجعلها مكانا لأداء شعائر الحج. إن عبدالله كان همه كبيرا في الرقي بخدمات المؤسسة وخاصة تدريب العاملين المباشرين للحجاج في مجال إرشاد الحجاج وتوجيههم وتعليمهم كيف يؤدون النسك؛ لذلك اتفقت معه رحمه الله على تطبيق توجيهات وزير الحج في تفعيل أول مادة في نظام المطوفين الصادر بالمرسوم الملكي الخاص بتدريب مجموعات الخدمة الميدانية في النواحي الشرعية، فالحاج يثق في مطوفه ويسمع منه توجيهاته وإرشاده وكان لي اجتماع معه رحمه الله مقرر في الأسبوع الذي توفاه الله فيه للبحث في تفعيل توجيهات وزير الحج في هذا الصدد. إن عبدالله عمر علاء الدين قامة كبيرة في مجال الطوافة، وقد رأيت وشاهدت تأثر زملائه في المؤسسات والوزارة وفي مقدمتهم الوزير الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي وزير الحج الذي كان تأثره بالوفاة عظيما؛ إذ كان عبدالله محل ثقته، وقد رأيت في مسودة عدد رمضان من مجلة الحج والعمرة إطلالة كتبها معاليه بعنوان (عبدالله علاء الدين علاقة في تاريخ مهنة الطوافة) أشاد فيها بما كان يقوم به عبدالله علاء الدين من إسهامات في تطوير مهنة الطوافة ما جعله يحظى بتقدير المسؤولين في الدولة، حيث قدم صاحب السمو الملكي النائب الثاني وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا نوط الحج تقديرا لإسهاماته البارزة في خدمة حجاج بيت الله الحرام والسهر على راحتهم، وقال وزير الحج في معرض الحديث عن عبدالله علاء الدين «سيظل عبدالله علاء الدين في مجال خدمة ضيوف الرحمن مثالا ونموذجا وقدوة، وستجد الأجيال الجديدة في سيرته حافزا على الإبداع والتميز»، إلى أن قال حفظه الله «وليس من شك في أن عبدالله علاء الدين إحدى العلامات المضيئة في تاريخنا الحديث الذي شهد نقلة تاريخية تحولت هذه المهنة من العمل الفردي إلى العمل المؤسساتي وما صاحب ذلك من تطوير في الأداء وارتقاء في الخدمات في ظل توجيهات القيادة الرشيدة» .. إلخ. لذلك أقول إننا وقد فقدنا الأخ العزيز عبدالله علاء الدين لندعو الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم أهله وأسرته وإخوانه في المؤسسات ووزارة الحج الصبر والثواب، ولا نملك إلا أن نقول كما قال الله عز وجل (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، وقوله عليه الصلاة والسلام عندما مات ابنه إبراهيم (إن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون). ونحن نقول (إن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفارقك يا أبا محمد لمحزونون). كما نسأله سبحانه وتعالى أن يجمعنا بك في دار كرامته وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صرت إليه. *مستشار وزير الحج ومدير إدارة التوجيه والتوعية في الوزارة.