تستغرق التحولات فترة زمنية ليتضح تأثيرها في الوسط الذي مر بأحد أشكالها، وهي من المسائل التي أكد على أهميتها علماء الاجتماع وتفريقهم بين التحولات المستقرة والمفاجئة، معتبرين أن الأصل في التحولات هو الاستقرار الذي يتصف بالتحول الشمولي بدءا من المجتمع وجميع البنى المحيطة بأركانه «اقتصاد سياسة دين ثقافة»، وهي ما يعدها أصحاب الدراسات الإنسانية عاملا من عوامل البقاء والنمو والمسايرة والاستقرار، على النقيض تماما من التحولات المفاجئة التي تمثل نتيجتها حالة من الفوضى وانحدار مؤشرات القيم والسلوك، وبعثرة القوانين التي تضبط الحركة الاجتماعية، وغالبية المجتمعات التي توصف ب «الكمون» معرضة بشكل مباشر إلى هذا النوع من التحولات، التي يكون محركها الرئيس الظرف والقرار السياسي. ثمة فارق شاسع في مفهوم التحولات بين المجتمع الذي يخطو والآخر الذي يقفز، ومع كامل التسليم بأن التحول سمة كونية بارزة تدفعها سنن التدافع والتشارك والمراغمة «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض»، إلا أن الوقوع في مزلق القفزات رغبة في التحول يقود المجتمعات إلى حالة غير متزنة تتبعثر فيها أوراق «الضبط الاجتماعي»، الذي يشكل خط الدفاع الأخير في مواجهة التحولات وعدم تمكين المجتمع بقبول أي تغيير غير مرحب فيه، ويتم توجيه سلوك الأفراد لئلا ينحرفوا عن معايير الجماعة، وهي مسألة ذابت ملامحها في المشهد الجديد، وأصبح مصطلح «الضبط» من القضايا الهامشية التي لم تستطع استيعاب التغيرات، وبالتالي عجلة التحول سبقت كل أجواء التحفظ والضبط بمراحل متعددة، والحراك الاجتماعي شاهد على ذلك في العقدين الأخيرين، رغم صعود حضور ممانعي التغيير في بداية التحول ثم اكتشاف اندماجهم مع ذات الأمر الذي كانوا ممتنعين عن قبوله. الجانب الأهم في مسار التحولات الاجتماعية يرتكز على خطط التنمية وأنماط الإنتاج، فالأفراد لن يستوعبوا معاني التغيير إذا لم يكتمل عقد التنمية البشرية، وهنا يتأكد الفارق بين التحول المستقر والمفاجئ، إذ تعزز تلك البنى التخطيطية تأهيل المجتمع وتمكينه من ممارسة دوره في عجلة التحول، ومن خلال استقراء النماذج التاريخية لمسارات التحول، نجد أن التحولات الاقتصادية والسياسية تمر بتلقائية وبشكل سلس على النقيض تماما من التحولات الاجتماعية التي تشترط الوعي الجمعي بأهميته، ويذكر الباحثون مثالا على الدول التي عانت صراعات وحروبا طائفية وأهلية على الرغم من تأسيسها على الأنظمة الاقتصادية والسياسية الحديثة. الأمر الذي يجب إدراكه: أن التحول قدر وعجلة لن تنتظر أحدا، وبأيدينا قرار استقراره أو تحوله إلى مسخ مشوه. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة