ذهب سفير المملكة لدى لبنان علي عواض عسيري إلى التأكيد على أن وضع السياح السعوديين في لبنان مطمئن للغاية، وليس هناك ما يستدعي القلق على سلامتهم. وأوضح في حديث ل«عكاظ» أن السفارة تتابع عن كثب تطورات الأوضاع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مؤكدا أن لدى السفارة خطط طوارئ متكاملة لإجلاء السياح السعوديين في حال تطور الأوضاع. وطالب السفير جميع السياح والرعايا السعوديين بالتواصل مع السفارة عند رغبتهم في الحصول على المساعدة. وقال إن العملية العسكرية التي تمت على الحدود محدودة. من جهته، استنكر وزير السياحة اللبناني فادي عبود بشدة الاعتداء الإسرائيلي على الجيش اللبناني في بلدة العديسة الحدودية. وألمح إلى أن ما حدث ما هو إلا دليل جديد على النوايا الإسرائيلية العدوانية على لبنان. وكان عبود قد أكد للسفير السعودي علي عسيري حرص الحكومة اللبنانية على الحفاظ على سلامة السياح ليس فقط السعوديين المتواجدين في لبنان، بل جميع الزوار العرب. ويتواجد حاليا الآلاف من السياح السعوديين في لبنان لتمضية عطلاتهم الصيفية. رئيفة الملاح جنوب لبنان أدان الرئيس اللبناني ميشال سليمان ما وصفه بالخرق الإسرائيلي الجديد للقرار 1701 واجتياز الخط الأزرق والاعتداء على الممتلكات وقصف حاجز للجيش اللبناني في منطقة العديسة، إثر تبادل لإطلاق نار بين قوة لبنانية وإسرائيلية جنوبي البلاد أمس، أسفر عن مقتل ثلاثة عناصر من الجيش اللبناني وجرح اثنين آخرين وصحافي ، فضلا عن احتراق ناقلة جند، فيما أشارت مصادر إعلامية إلى مقتل ضابط إسرائيلي من رتبة عالية وجرح جنديين صهاينة. ودعت القوات الدولية (يونيفيل) الطرفين إلى ضبط النفس. وحث سليمان أثناء مناقشة الوضع مع قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، إلى ضرورة التصدي لأية محاولة اعتداء إسرائيلية. وتواترت الأنباء بشأن التراشق بين الجانبين، فبعد أن أشارت أنباء إلى توقف الاشتباكات، نقلت وكالة الأنباء الرسمية أن مروحية إسرائيلية مقاتلة من طراز آباتشي أطلقت صاروخين على مشروع الطيبة الواقع بين بلدات العديسة، الطيبة، ودرب الثلاثين، في حين شوهد قنص غزير على بلدة كفر كلا. وكانت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة والقذائف المدفعية قد اندلعت بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية على الشريط الشائك في بلدة العديسة. ونقلت قناة تلفزيونية في موقعها الإلكتروني، أن ضابطا إسرائيليا برتبة رفيعة قتل إلى جانب مقتل ثلاثة جنود لبنانيين بعد استهداف آليتهم (ناقلة جند) بصاروخ أطلقته مروحية الآباتشي. ووقعت المناوشات المسلحة عند محاولة الإسرائيليين تركيب كاميرات مراقبة على الحدود بين بلدة العديسة ومستوطنة مسكافعام، وعمدت قوة من الجيش اللبناني إلى منعهم من محاولة إزالة شجرة داخل الأراضي اللبنانية ما أدى لتوتر الوضع الذي تدخلت على إثره قوة من اليونيفيل، إلا أن الأمر تطور إلى إطلاق نار متبادل، قامت خلاله دبابة إسرائيلية بإطلاق قذيفتين على الأقل داخل الأراضي اللبنانية في بلدة العديسة، طبقا لما أوردته وكالة الأنباء اللبنانية. وأشار شهود عيان إلى إصابة جندي لبناني وآخر مدني بجروح طفيفة، فيما تعيش المنطقة حالة من الاستنفار. وعلى صعيد مواز، أشارت صحيفة هارتس الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني إلى إطلاق صاروخ كاتيوشا من لبنان على شمالي إسرائيل، حيث سمع سكان المنطقة دوي انفجارات قوية. ونفى متحدث باسم شرطة اللواء الشمالي الإسرائيلية تعرض منطقة الجليل لأي هجوم صاروخي، وعزا دوي الانفجارات إلى تبادل إطلاق النار مع القوات اللبنانية، وفق الإذاعة الإسرائيلية. وحثت قيادة القوات الدولية (يونيفيل) المرابطة في جنوب لبنان الطرفين الإسرائيلي واللبناني على ضبط النفس لمنع تصاعد الموقف على الحدود. ودعا المتحدث باسم قوات «يونيفيل» أندريا تينينتي الطرفين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. وقال تينينتي «حدث تبادل لإطلاق النيران بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي على طول الخط الأزرق في منطقة العديسة». وفي غضون ذلك، يعكف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على عقد مشاورات مع كبار ضباط الجيش الإسرائيلي لتقييم الموقف على الحدود الشمالية. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن الحكومة تنظر ببالغ الخطورة إلى الحادث. ويأتي التوتر بعد أقل من 24 ساعة من إطلاق خمسة صواريخ على مدينة إيلات الإسرائيلية والعقبة في الأردن، ما أدى لمقتل أردني في الهجوم الذي لم تعلن أية جهة حتى اللحظة، مسؤوليتها عنه. فادي الغوش بيروت أكد نواب البرلمان اللبناني أن الاعتداء الإسرائيلي على الجيش اللبناني في بلدة العديسة الحدودية، هو دليل جديد على النوايا الإسرائيلية العدوانية على لبنان، بعد فشلهم في بث الفتنة الداخلية ونجاح القمة الثلاثية السعودية اللبنانية السورية في تثبيت الاستقرار. ووجه عضو تكتل (لبنان أولا) النائب عقاب صقر «تحية إكبار للجيش اللبناني الذي يتصدى لهذه البربرية الإسرائيلية بشجاعة وجدارة كاملتين في الدفاع عن أرض الوطن»، مشددا في بيان على أن هذا الاعتداء الإسرائيلي البربري الجديد، إنما هو دليل واضح على نوايا إسرائيل باستهداف أمن لبنان واستقراره. وإذ رأى أنه «بات واضحا أن إسرائيل كانت تسعى عبر دسائسها الفتنوية لضرب الاستقرار في لبنان، وهي اليوم استكملت مسعاها هذا بقذائف الغدر والحقد في رسالة واضحة باستهدافها لبنان كل لبنان»، دعا صقر إلى ضرورة أن يقف الجميع للتصدي لهذا العدوان الإسرائيلي، بعيدا عن منطق المماحكات واستنزاف البلاد بمهاترات لا طائل منها. فيما عضو كتلة الرئيس نبيه بري النائب عبد المجيد صالح اعتبر في حديث خاص ل«عكاظ» أن «الاعتداء الذي حصل على الحدود اللبنانية حول قطع شجرة، هو قضية بيئية أولا وأخيرا. وأن المواجهة بين الجيش اللبناني والعدو الصهيوني دفعت جيش الاحتلال إلى الرد بالقذائف، لأنه يطلق لنفسه العنان في الاستهتار بالقرارات الدولية وبخرق السيادة اللبنانية». وأضاف صالح «إن هذه القضية هي أولا شجرة لبنانية، وهي تحمل معنى السيادة ويمكن أن يكون هذا هو ذريعة للتحرش الإسرائيلي والاستطلاع بالقوة لفتح ثغرة اشتباك مع الجيش اللبناني. وعادة الاشتباك له قواعده العملياتية، وبالتالي عندما يحصل التوتر يوجب الاستنفار إطلاق بعض الطلقات التحذيرية. وهذا ما حصل، فرد العدو الإسرائيلي بالقذائف وهنا لا تملك أي تحليل آخر سوى خرق السيادة اللبنانية والقرارات الدولية». واختتم صالح «إن هذا الحادث جار العمل على تطويقه، وهي مسؤولية ال«يونيفيل»، علما أن الجيش اللبناني يأخذ احتياطاته وجاهزيته بمواجهة أي عدون. ويجب أن يردع المجتمع الدولي كل شهوات العدو الصهيوني الذي تبين ألا شيء يردعه سوى القوة». رئيفة الملاح جنوب لبنان تعتبر بلدة العديسة إحدى أكثر القرى الحدودية اللبنانية أهمية ضمن استراتيجية الصراع مع إسرائيل، فهي إحدى قرى قضاء مرجعيون في محافظة النبطية جنوبي لبنان، تقع في واد تحده أربعة جبال يتخذ من أحدها العدو الإسرائيلي الآن أهم مواقعه العسكرية (تلة مسكافعام). الوصول إلى بلدة العديسة يكون عبر طريق بيروت، صيدا، النبطية، كفرتبنيت، دير ميماس، كفر كلا، وعديسة (97 كلم)، وترتفع عن سطح البحر 700 متر. في الخمسينيات، أنشئ فيها مركز جمارك اعتبر نقطة عبور مهمة إلى فلسطين (لكنه أغلق بعد احتلال فلسطين)، إضافة إلى وجود مخفر درك منذ الستينيات. ووفقا لمصادر تاريخية، يتناقل السكان روايات وقصصا حول عديسة حول نضالها ضد الاستعمار، تبدأ منذ حقبة الاحتلال الفرنسي للبنان. وكلها تشير إلى أن البلدة عاشت مرحلة الثورة ضد هذا الاحتلال، وبرز عدد من أبنائها الثوار الذين حكم عليهم بالإعدام والنفي والسجن. وكان بعضهم من الذين أرسلوا مهمات توفيقية حاسمة بعد اجتماع «الحجير». ويقال إن قادة عربا مروا بهذه البلدة بحكم موقعها، أما المقاتل صادق حمزة، فتقول المصادر التاريخية إنه دخل عديسة ورفع عليها العلم العربي كتعبير عن تطهير البلدة وجعلها تحت لواء السلطة العربية الشرعية. وفي حرب تموز 2006، كانت عديسة أولى القرى التي حاول العدو الإسرائيلي احتلالها، ولكن المقاومة صدته رغم محاولاته المتكررة، ولم يستطع احتلالها. وسقط من العدو في إحدى المعارك وسط البلدة 12 قتيلا، وسقط للمقاومة شهيد يدعى حسين شري في قصف من الطيران الإسرائيلي الذي تدخل لنصرة جنوده وتأمين انسحابهم. يبلغ تعداد سكان أهالي عديسة نحو 8000 آلاف نسمة. يقيم ما نسبته 70 في المائة منهم خارج البلدة، ويتردد معظمهم إليها خصوصا في فصل الصيف، و20 في المائة يقطنونها بشكل دائم، في حين أن ال10 في المائة الباقين منتشرون في بلاد الاغتراب والدول العربية.