أرواح بريئة معذبة متشردة في كل مكان من شوارعنا وأحيائنا، لا تجد من يرفق بها ويطعمها ويسقيها ويؤويها من حر الصيف وبرد الشتاء بطون ضامرة وعيون غائرة، هياكل عظمية تتحرك هنا وهناك، تتسلق الحاويات.. تنبش القمائم لعلها تعثر على كسرة خبز او قطعة لحم متعفنة تسد بها رمقها، تلهث من العطش بحثا عن الماء المتقطر من المكيفات أو المتجمع في الطرقات وقلما تسلم من دهس السيارات لو أرادت عبور الشارع وحوادث دهسها اصبحت من كثرتها مألوفة، يا لهذا المسكين... أين تلك القلوب الرحيمة؟!. هذه قصة مأساوية شاهدة على كلامي، حدثت لنسيبي، فحينما جاء خارجا من المنزل متجها نحو الكراج، ركب السيارة بعد ان تحرك احس بمطب صغير ثم استغرب فخرج من السيارة فنظر ماذا جرى، فإذا به قد دهس قطة صغيرة عن غير قصد، رجع فركب السيارة مرة اخرى واحس بمطب آخر، فرأى انه دهس قطة صغيرة أخرى، طلب من الحارس أن يدفنهما وخرج من الكراج فوجد أمهما تبحث عنهما.. أصابه حزن شديد ولم يجد ما يكفر به عن خطئه غير المقصود إلا أن يتصدق عسى الله أن يغفر له. ألم يأن الآوان لتستيقط الضمائر الحية والقلوب الرحيمة لوضع حد لمعاناة هذه المخلوقات الأليفة الضعيفة المشردة المعذبة، وهي تعيش بيننا دون أن نحس بها. منذ زمن بعيد وكثير من دول العالم انشأت ما يعرف بجمعيات الرفق بالحيوان، ونحن إلى الآن لم نسمع عن جمعية واحدة في بلادنا، نسمع في كل يوم عن إنشاء جمعية خيرية جديدة لبنى الإنسان، إلا الرفق بالحيوان ونحن أولى بها، فديننا هو دين الرفق والرحمة فأين موقع هذه الجمعية من وصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لنا حين قال: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). دعاء أحمد عاشور