هناك قصة تفرض نفسها عليك بقيمتها الأدبية وأخرى بقيمتها الفكرية .. لكن بعض القصص تفرض عليك أن تتأملها وتحللها لتصل إلى خلاصة حقيقية.. هذه قصة قد تصل بك إلى خلاصات؟.. هذه قصة دافئة سكرية الرائحة تفوح منها رائحة حنان وعطف ومحبة وطيبة كأنك تسير في بستان فاكهة تحت شمس الربيع.. هذه قصة شفافة كدمعة وصاخبة كموجة وجميلة كشعاع مغسول بمياه الأمطار، فيها آلام كبيرة وسعادات صغيرة ونشوة ضوء أبيض.. أتركها تتدفق إليكم مثل الماء الصافي وجدتها هذا الصباح على الإنترنت فترجمتها لكم على عجل وقبل أن أنساها فأنا لم أعد أثق كثيرا في ذاكرتي.. فلقد أصبحت تخذلني .. تخذلني كثيرا .. تقول القصة: إنه في يوم كانت السماء فيه رمادية ثقيلة الغيوم .. كانت السماء تلمس (انتينات) السطوح .. كان أحد رجال الأعمال يقود سيارته المرسيدس الحديثة الفاخرة وكانت يداه تلتفان برفق حول عجلة القيادة السوداء اللامعة وكان يصغي إلى الموسيقى المنبعثة من راديو السيارة .. فجأة ارتطم حجر بزجاج سيارته الأمامية مثل رصاصة ساخنة .. توقف الرجل ليرى حجم الضرر الذي لحق بزجاج سيارته ليفاجأ بصبي ذي وجه مغطى بالنمش تكر الدموع من عينيه فتسلق وجنتيه تقدم إليه بلاوعي كانت عيناه تتوهجان مثل جمر أزيح عنه الرماد دفع بجسم الصبي الصغير النحيل للحائط وهو يقول له: يالك من أحمق !! لماذا حطمت زجاج عربتي ؟ هل تعلم ماذا سيكلفك ذلك ؟ فاضت من سحنة الصبي صورة الذعر وتسارع لعاب الخوف منه فأجابه ببطء وهو يحاول ضبط زمام خوفه .. أخذ يتكلم دفعة واحدة كما يفعل الأولاد الصغار قال له بصوت مبحوح كأنه قضى النهار يصرخ في الهواء .. كأن أحد أوتاره الصوتية انقطع .. أنا آسف جدا ياسيدي لكني حقيقة لا أعلم ما أفعل ..لقد أمضيت وقتا طويلا أحاول لفت انتباه أي شخص كان .. لكن لم يتوقف أحد لمساعدتي ثم أشار إلى حفرة بجواره وإذا بطفل زيتوني البشرة شعره (مفلفل) خافت الأنين حزين النظرة يتقوقع في تلك الحفرة بائسا يائسا إلى حد الخدر.. ثم تابع كلامه الصبي .. ذلك الطفل ياسيدي هو أخي الأصغر وهو عاجز عن المشي تماما لإصابته بالشلل.. كنت أدفعه في مقعده المتحرك واختل توازن المقعد وإذا به يهوي في هذه الحفرة كما ترى.. حاولت أن أرفعه لكن يدي الصغيرتين لم تقويا على ذلك، حاولت كثيرا.. أرجوك ساعدني على رفعه لقد مكث طويلا في تلك الحفرة وهو خائف للغاية .. بعد ذلك أفعل ماتراه مناسبا لمعاقبتي على مابدر مني لقاء تحطيمي لزجاج عربتك !! أرجوك .. وبلغ صوت الصبي قلب رجل الأعمال أخذ الحزن يكسو وجهه برقت عيناه وهو ينتشل الطفل من الحفرة بنور يشبه الحياة .. جمع جسمه إلى جسمه وأجلسه في مقعده المتحرك ثم اتجه للعربة وعاد بصندوق للإسعافات الأولية .. شرع في تضميد جراح الطفل والتي أصيب بها جراء سقوطه في الحفرة .. كان يشعر بعظام الطفل الرخوة.. بعد الانتهاء من كل ذلك سأله الصبي ووجهه مصقول بالخوف والرهبة والرعب .. والآن ماذا ستفعل بي ؟ أجابه الرجل وحزن حلو يكسو وجهه حزنا غير قابل للشرح بالكلمات لاشيء يا ابني .. لا تندم على العربة ولاتفكر فيما حدث للزجاج اهتم بشقيقك.. كان صوته طيبا حارا وكذلك ابتسامته .. لم يشأ بعد ذلك رجل الأعمال أن يصلح زجاج العربة أحاطها فقط بدائرة وحتى لا تتسع .. ترك تلك الندبة في طرف الزجاج الأمامي كنجمة ثابتة في سماء يومه وحتى لا يضطر محتاج آخر أن يقذفه بحصى كي يلفت انتباهه لفعل الخير.. والخلاصة.. إن علينا أن نجاهد في هذا العالم الأناني لنصنع فيه عطاء أكثر وحنانا أكثر وحبا أكثر، وإن أسوأ ما يمكن أن يحدث في حياتك أن لاتؤمن بذلك .. وإن الحياة مهما طالت هي دائما قصيرة .. وهذا حافز قوي لنصرف كل دقيقة منها في فعل الخير وإن هذا الفعل هو المعنى الحقيقي لحياتك وبدونه تصبح حياتك علبة فاسدة خالية من المعنى !!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة