الخوف من المطر أول طوق نجاة من النار، من هنا بدأت أول تنبؤات النظر إلى السماء والخوف من سيل قادم من الأعلى ينهمر لتبحث الطالبات عن مأوى يعصمهن من الماء، إلا أن اشتعال النار من قاع الأرض شكل المعادلة. الساعة تشير عقاربها إلى العاشرة صباحا، السماء ملبدة بالغيوم ومصلحة الأرصاد والهواتف الذكية تنذر بماء منهمر، لابد للطالبات من العودة إلى منازلهن، في هذه اللحظة بدأت حالة استنفار سائقي الحافلات لإعادة الأمانة إلى أهلها. تحركت الحافلات تجوب شوارع العروس الموعودة بالمطر ونقلت طالبت التمهيدية والروضة وصفوف الابتدائية الأول، وفي خط العودة تبلغ السائقون أن سحابا مختلف ألوانه ينبعث من قاع الأرض، يهدد بأن القاع سيمطر نارا ورعبا نهايتها الموت حرقا أو اختناقا. وبين مجريات الأحداث ينطلق عبد السلام يدفعه الخوف على أطفال جيرانه ترجل من سيارته فكان رجل إنقاذ مع مرتبة الشرف حمل ضحية الدخان الأولى وأعطى الإيعاز لرجل الدفاع المدني لينقذها. تجول في الغرفات يبحث بين ركام الخشب عن ركام لحم، كان يردد أن الأطفال أحباب الله متيقنا أنه وحده من سيجعل النار بردا وسلاما عليهم، مؤمنا أنه سبحانه بيده أن يحمي أرواحهم من التفحم وأنه كفيل بأنه سيبقي أرواحهم زكية كعطر طفولتهم. نزع عبد السلام قميصه وسد أنفه عن الدخان لم تعد تبصر عيناه فأصبحت بصيرته أنامل يده وكفه الذي يتححس به، وفي دهاليز النار وطأت قدمه كومة لحم تفاجأ أنها طفلة أنهكها الخوف وبح صوتها على لهيب النار. حمل عبد السلام الطفلة وسقط هو وهي ولم يفق إلا على السرير الأبيض مصابا باختناق وحالة نفسية من هول النار وفاجعتها، مؤكدا أن شباب العروس هم من يبثون في ملامحها الشباب رغم تقادم السنون. المطر والنار في فترة لا تكاد تكون بعيدة عامل مشترك يزرع الخوف وينادي لتكون حياة جدة أفضل، فأصبح الخوف منهما رعشة وحشية تعانق السماء.