عمالة وافدة من مختلف الجنسيات، وسماسرة خادمات، يذرعون شوارع وأزقة أحياء عشوائية، حتى حولوا بعض المواقع إلى وكر للمتخلفين ترتكب فيه سرقات في وضح النهار. جولة «عكاظ» على بعض الأحياء العشوائية كشفت عن مخالفات صريحة وتجاوزات تستحق الوقوف عليها ومعالجتها. عمالة متخلفة أمام أحد محلات بيع المواد التموينية، داخل حي مشرفة في جدة، وقفت حافلة صغيرة، نزل منها مجموعة من النساء ومعهن طفل في العاشرة متسخ وحافي القدمين. وبسؤال بائع المواد التموينية الذي كان يقف على باب المحل عمن يكون هؤلاء، فأجاب: إنهم متسولون ينتشرون في الأسواق وأمام المحلات والمساجد، وإشارات المرور، فضلا عن أن الحي عامر بالعمالة وبائعي الأطعمة المكشوفة والثياب المستعملة، وسماسرة الخادمات، فيما يتحلق حولك حين تترجل من سيارتك داخل الحي مجموعة من العمالة المتخلفة من جنسيات مختلفة آسيويين و أفارقة، وتجد الكل ينظر إليك ويحاول لفت انتباهك على أنهم ماهرون في أعمال البناء والتشطيب والسباكة والدهان والكهرباء، وحتى صيانة الأجهزة الإلكترونية. كان حلمي السيد يجلس مع مجموعة من بني جلدته أمام منزل شعبي يؤويهم، يصل عددهم لثمانية، يعيشون في غرفة واحدة وجميعهم يعمل في مهن مختلفة بينهم السباك والدهان والمزارع. يقول عن سر تواجده وزملائه في الخارج وجلوسهم عند باب المنزل: نعمل باليومية ونجلس هنا في الفترة المسائية، إذا لم يكن هنالك شيء نعمله، وربما يأتي أحدهم للبحث عن عامل في أمر ما، وبالتالي نستفيد ماديا من الجلوس في هذا المكان الذي يعرف العديد من الزبائن. سرقات بالجملة من المشكلات التي تواجه حي مشرفة المكتظ بالعمالة المخالفة، أكد سعيد النجار (55 عاما)، أحد السكان أن الحي يعاني من المشكلات ومنها السرقات التي تقع داخله. ويضيف النجار: ولدت في هذا الحي، وبنيت فيه منزلي، ولن أغادره رغم كل المشكلات، إذ أصبح وكرا للمتخلفين وسماسرة الخادمات، ولا أخفيك أن الجهات المختصة تضطلع بدورها في معالجة أوضاع المتخلفين، غير أن من الملاحظ أن هنالك زيادة في أعدادهم، ما يشكل خطرا حقيقيا على السكان. أحواش مهجورة أما نبيل الجيلاني، فيشير إلى أن بعض السكان يشعرون بالمرارة، وتحديدا المنطقة التي تفصل شارع الستين عن المكرونة، ففي هذه المنطقة تشكل العمالة المخالفة خطرا على سكانها، فضلا عن أحواشها وأماكنها المهجورة والتي يستغلها بعض المخالفين كمأوى وأوكار مخالفة. وأضاف الجيلاني أن للمواطن دور كبير في التصدي للعديد من الظواهر التي تعاني منها الأحياء العشوائية، بالإبلاغ عن كل ما يلفت النظر ويثير المخاوف لرجال الأمن اللذين لن يتقاعسوا عن حماية المواطن وممتلكاته من كل سوء. يؤكد هارون أبو ندا (فلسطيني) أنه يسكن هذا الحي منذ 15 عاما، وقد سمع الكثير من المشكلات التي تقع فيه «كنا نسمع باستمرار عن حوادث سرقة أو قتل، ولا زلت أتذكر قصة ثلاثة من مجهولي الهوية اقتحموا أحد المنازل داخل الحي يسكنه أحد المقيمين، حيث استغل هؤلاء المجرمون في ذلك اليوم حملة لمكافحة حمى الضنك، فطرقوا باب الشقة لتسأل امرأة كانت وحيدة في البيت: من الطارق، فأجابوا: موظفو الضنك، ففتحت لهم الباب واغتصبوها وتركوها تصرخ. خطف الحقائب النسائية وفي موقع آخر في جدة، حيث يروي عبدالله المسعدي من سكان حي الصفا أوضاع الحي، من ممارسات بعض العمالة المجهوله في الحي، كاشفا عن حادثة تعرض زوجته وطفلته للاعتداء من عصابة أثناء خروجهما من المنزل، بسبب السرقة، فيقول: فبينما كانت تسير زوجتي برفقة طفلتها فجأة خطف مجهولون حقيبة يدها، وأدخلوا الرعب في نفسها وكذلك الحال بالنسبة لطفلتي. وأضاف: نعاني من هذه المشكلة التي أصبحت ظاهرة تهدد نساءنا اللائي يتعرضن لسلب ما بحوزتهن من نقود وأجهزة هواتف وغيرها، مشيرا إلى أن رجال الأمن يتفاعلون بشكل كبير وجيد مع البلاغات التي تقدم لقسم الشرطة، إلا أنه ما تزال بعض العمالة تمارس من وقت لآخر أعمال السرقة والنهب. ويذكر نعمان محمد - بائع في محل في حي المصفاة - أن أكبر المشكلات التي يعانيها الحي تتمثل في السرقات، حيث هناك حوادث نشل واختطاف حقائب يدوية كثيرة. ويضيف: هؤلاء اللصوص يستغلون مداخل الحي الضيقة، حتى إن البعض بات يخشى السير في الشوارع بسبب هؤلاء الذين يسرقون الكحل من العين. سماسرة الخادمات ويتطرق يوسف الردادي إلى مشكلة أخرى يفرخها حي الشرفية في جدة، أبطالها سماسرة خادمات معظمهم من الجنسية الآسوية والأفريقية، حيث يدور في الخفاء من يبحث عن عاملة منزلية مؤقتة، فإذا ضل الطريق فما عليه سوى التوجه إلى أزقة الحي الذي يجد فيه ما يريد. ويضيف الردادي: للأسف نرى الكثير من القادمين إلى هذا الحي بغرض البحث عن عاملة منزلية، وكثيرة هي القصص التي نسمعها عن خادمات المنازل اللائي يستغللن حاجة الناس، ومن ثم سرقتهم. ويروي في هذا السياق أنه عندما هربت خادمة أحد أقاربه الذي يسكن في حي الصفا، والتي كان قد استقدمها قبل عام تقريبا، وتوالت سواليف النساء عن وجود سمسار يجلب الخادمات، لم يتردد في الاتصال به، وتم الاتفاق على توفير عاملة منزلية براتب يصل إلى 1300 ريال في الأيام العادية، وفي رمضان يرتفع المبلغ إلى 1500 ريال في الشهر، فأخذ قريبه العاملة وذهب بها إلى منزله، وفي أحد الأيام ترك الخادمة وحيدة في المنزل، لارتباط زوجته بموعد في المستشفى، وكانت المفاجأة حين عودتهما هروب الخادمة بعد أن سرقت ذهب زوجته، ولما كانت الخادمة غير نظامية ومخالفة لنظام العمل والإقامة، صعب الوصول إليها وهذه واحدة من المشكلات التي يعانيها الحي، حيث يتواجد العديد من المخالفات اللائي أصبحن يشكلن خطرا على ربات المنازل والبيوت، وطالما وجدن من يفتح لهن الباب، عليه أن يتحمل النتائج. حملات متتابعة إلى ذلك أوضح الناطق الأمني لشرطة محافظة جدة العقيد مسفر الجعيد، أن هناك جولات مستمرة على كافة أحياء المدينة، من خلال دوريات سرية على مدار الساعة، لضبط الأمن داخلها والقضاء على كل الجرائم، مطالبا المواطنين والمقيمين بالإبلاغ عن أي حوادث يصادفونها، ومؤكدا أن الشرطة أخذت على عاتقها حملات متتابعة ومنظمة في كافة الأحياء العشوائية وغيرها. وأضاف الجعيد: هناك رقم موحد خاص بالشكاوى والبلاغات من قبل المواطنين في حالة وجود مخالفات داخل الأحياء، لافتا أن دور المواطن مهم وركن أساسي في أمن البلد، والمسؤولية مشتركة بين المواطن والشرطة، مشيرا إلى أن هناك دورا كبيرا للجهات المختصة في متابعة التجاوزات وملاحقة مجهولي الهوية ومخالفي أنظمة الإقامة والعمل.