الأحلام والأوهام، والرغبة في البعد عن «وجع الراس»، والهروب من تحمل المسؤولية، كلها عوامل تهدد الأسرة على المستوى الإنساني، ويبدو أنها باتت تهدد الأسرة العربية. بداية، استخدمت في مقالي كلمة «مدام» ، وهي شائعة على ألسنة الكثيرين منا، وبخاصة من كان له نصيب من العلم، أو كان كثير الترحال والسفر، وأقصد بها بالطبع الزوجة، أو أم العيال. أما السليكون، فهو مادة من منتجات البترول، عبارة عن لدائن تستخدم في المطاط الصناعي، هلامية، يستفاد منها في عمليات الحشو والتضخيم. ومما لاشك فيه أن كثيرين من الشباب بل والشيوخ، يحلمون بزوجة جميلة للغاية، تشبه فلانة مثلا، والبعض الآخر لايريد الزواج الذي لايجلب إلا وجع الراس والصداع، فهو عند البعض مقيد للحرية، ومعيق للانطلاق، وآخرون لايرغبون فيه، فهو يعني مسؤولية، بل مسؤوليات مضاعفة، أبسطها رعاية الزوجة، ثم الأطفال، متابعة شؤون حياتهم والاهتمام بهم وتوفير سبل العيش الملائمة لهم، وهذا كله، أو ربما بعضه، دفع الشاب الياباني «لي ترونج» 33 عاما، ويعيش في كندا، لأن يصمم لنفسه زوجة مثالية شريكة لحياته، بعد أن أعياه البحث عن فتاة ذات مواصفات مثالية نموذجية خاصة، تقوم على حاجاته، ترعاه، تشبع رغباته، لاتجادله أو تناوره أو تقرف عيشته وتزهق حاله وتطلع عينه. الشاب الياباني كما جاء في إحدى الصحف الإيطالية أنجز خلال عامين من العمل، وبتكلفة قدرها 16 ألف يورو، استطاع أن «يصنع» فتاة أحلامه، وفق مواصفاته، أي «حسب الطلب» مستخدما ما أتيح له من وسائل تكنولوجية. هذه الفتاة الاصطناعية التي سماها «إيكو» مصنوعة من مادة السليكون، وبإمكانها أن تؤدي كل الأعمال المنزلية، بل وتتمتع ببعض الخصائص الأنثوية وإن كنت لا أعلمها تحديدا على مدى ساعات اليوم كله، بل وبإمكانها قراءة الصحف بصوت عال والتعرف على الألوان وبعض الوجوه، وتعرف اليابانية والإنجليزية، وتنطق بما يقرب من 13 ألف جملة في اللغتين، بل وتعرف الاتجاهات وتحل المعادلات الرياضية، ويمكن أن تصفع من يحاول احتضانها بقوة على وجهه. ومع أن الزوجة اليابانية تعد من أفضل الزوجات في العالم، إلا أن الإقبال على شراء هذه «الزوجة السيليكون» قد ارتفع مؤخرا، بل ويعترف الرجال اليابانيون بأن هذه الزوجة الاصطناعية أفضل كثيرا من الزوجة الحقيقية التي لاتمل من ترديد مطالبها واحتياجاتها، بل لاتتورع عن خيانة زوجها أحيانا. كنت أعتقد أن هذا «الجنون» قاصر على اليابان وأهلها، لكنني قرأت أن ثريا خليجيا مرموقا قد أنفق أكثر من 190 ألف دولار مقابل شراء عروس سيليكون تشبه مطربة شهيرة، وأشارت التقارير المتابعة للموضوع إلى أن أكثر زبائن هذه العرائس من الخليجيين، وأن الأسعار تبدأ من ستة آلاف دولار (يا بلاش.. أي حوالى 20 ألف ريال فقط) ويزداد السعر حسب المواصفات المطلوبة. وفي خطوة مضادة، وفي إطار محافظة المرأة اليابانية على كرامتها، ولرد هذا الامتهان الذكوري لها، والاستغناء عنها على هذا النحو، اخترعت المرأة اليابانية ما يسمى ب «الرجل الوسادة» وبسعر زهيد يقل عن المائة دولار، مفتول العضلات، لاشخير له، لا يأمر ولا ينهي ولا يكلف المرأة ما لاتطيق من أعمال، وهو عبارة عن «وسادة نوم» تشكل الجزء الأعلى من الرجل، ولاقت رواجا كبيرا بين النساء اليابانيات.. نعم، هذا كله نتيجة المفهوم الخاطئ للزواج وتكوين الأسرة، وهو ما أقره لنا الشرع الحنيف، وهو حتما سيفشل في أن يكون بديلا للزوجين الطبيعيين، وإلا اندثرت البشرية، وكان فناء الحياة، لكنه في الوقت ذاته يدق ناقوس الخطر، ويعتبر أداة ووسيلة تهديد للمجتمعات، وينبغي أن تشدد الرقابة، ويمنع دخول هذه «الدمى» إلى بلادنا. وصدق من قال: الجنون فنون. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة