الوليد بن طلال مع تجاوز الألقاب شخصية لا تملك إلا أن تعجب بخطواته ومجازفاته المحسوبة وخبطاته، لا تخبطاته التي يتبناها ولا يتراجع لتأخذ مداها متجاوزا كل ما يثار حولها، لأنه وباختصار كالذئب لا يهرول عبثا، ولعل قول الاقتصاديين مثلا بأنه كعيني صقر يضع يده على مشاريع سقطت أو تكاد أن تسقط فيعيد لها الحياة بروح جديدة يعطي مؤشرا لأسلوبه. ** أول اتصال كان بيني وبين سموه الكريم جاء بالصدفة، عندما بثت ART إحدى حلقات برنامجي (رحلة إلى الشاطئ الآخر) والضيف سمو الأمير خالد الفيصل وكانت الساعة بعد منتصف الليل، فوجئت بابني عبد العزيز وكان لا يزال صغيرا يقول لي بطفولته البريئة أن واحدا اسمه الوليد بن طلال يريدني على التلفون وفاجأني أبو خالد بثناء وإطراء على البرنامج الشخصيات المنتقاة فيه، وسألني إن كنت قد طلبت من سموه إلقاء قصيدة المعاناة في الجزء الثاني من المقابلة، لأنه يحبها واعتذر عندما طلبت أن يكون سموه أحد ضيوف البرنامج لظروفه الخاصة. ** أحببت الاستهلال بهذا الموقف للحديث عن القناة الإخبارية التي تعد أحدث مشاريع الأمير الوليد بن طلال، التي تقول الأنباء المتداولة إنه يريدها ندا قويا ل «العربية والجزيرة»، ولم يكن اختياره للإعلامي جمال خاشقجي مفاجئا للكثيرين الذين توقعوه بعد أن استقال من رئاسة تحرير صحيفة الوطن وهو خيار راهن العارفون بمهارة الخاشقجي أنه سينجح فيه ببراعة، ورغم أن اللقاءات التي جمعتني بجمال كانت قصيرة، فالخاشقجي هو بلا شك يدرك ذلك وأجزم أنه قد أعد له عدته وأن في جعبته الكثير من الأفكار التي سيضيفها لرؤية صاحب المشروع وتطلعاته وفق منهجية منفتحة على كل الأطياف وتبقى الخيارات العناصرية التي ستترجم تلك الأفكار إلى مادة برامجية الامتحان الأصعب، ولعل أمنيتي الخاصة أن تجد الوجوه السعودية موقعا لها في القناة المقبلة ليس من باب التحيز وإنما من باب الإنصاف وتأكيد القدرة والجدارة. ** لمسة وفاء هي الفكرة التي برقت في ذهن الزميل والصديق سعد الجريس مدير عام إذاعة الرياض ليحولها إلى برنامج تكريمي قيد التنفيذ يتناول مسيرة إعلاميين إذاعيين أبدعوا وبرعوا خلال مشوارهم ورحلوا عن دنيانا، وهي فكرة أكثر من رائعة تلامس جانبا إنسانيا وتنشط ذاكرتنا حول أولئك المبدعين الذين غابوا فغيبناهم للأسف وتناسيناهم، وما أتمناه أن تكون هناك حملة إعلامية تسبق كل (لمسة وفاء) للتذكير بالحلقة وبشخصيتها قبل بثها حتى لا يضيع الجهد ويمر عابرا دون أن يدري عنه أحد.