على الرغم من الأنظمة واللوائح التي تضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل والموظف والمؤسسة التي يعمل بها، إلا أن بعض الجهات المسؤولة لا تزال تمارس عملها وكأنما هي تحيا في عصر ما قبل إقرار الأنظمة واعتماد اللوائح، وخاصة حين يتعلق الأمر بمصالح العمال وحقوق الموظفين، وخير دليل على ذلك ما تحدث به مدير مكتب العمل في منطقة الحدود الشمالية، حين قال إن إدارته تسعى إلى حل الخلاف بين أحد الموظفين والشركة التي كان يعمل بها عن طريق الصلح، وذلك تعليقا على شكوى تقدم بها ذلك الموظف ذكر فيها أن شركته التي كان يعمل بها فصلته فصلا تعسفيا، وحرمته من مستحقاته والمتمثلة في مكافأة نهاية خدمة استمرت عشر سنوات في تلك الشركة. وإذا كانت أدبيات ثقافتنا العربية وأمثالنا الشعبية قد علمتنا أن الصلح سيد الأحكام، فإن علينا أن نتعلم أن الصلح ليس سيد الأنظمة ولا سيد القوانين، وإذا كان بالإمكان تصدر المجالس للصلح بين عشيرتين متنازعتين على نخلة أو ناقة جرباء، فإن إدارة الشأن العام لا تنضبط أمورها بغير تطبيق الأنظمة والقوانين، ولست أعرف عن أي صلح يتحدث المسؤول المذكور حين يتعلق الأمر بحقوق مواطن كفلها النظام الواضح في بنوده والصريح في مواده، وهل كان ذلك المسؤول سوف يتدخل للصلح بين الموظف وشركته لو أن تلك الشركة حسمت على الموظف يوما غاب فيه عن عمله أو قصر فيه عن أداء واجبه؟ الحديث عن الصلح في مثل هذه المواقف لا يعني أكثر من محاولة لملمة جناية شركة تلاعبت بحقوق ومصالح مواطن، إن لم يكن إتاحة لتلك الشركة كي تمارس مزيدا من المماطلة في إعطاء المواطن تلك الحقوق. ولعلنا لا نستبعد بعد ذلك كله أن تنتهي المسألة «بحبة على الخشم» يتنازل بعدها الموظف عن حقوقه من باب التسامح والعفو عند المقدرة، أو يرضى بنصف حقوقه حين يتم تخييره بين ذلك النصف أو الجرجرة في المحاكم ولجنة تسوية الخلافات العمالية. الصلح الذي تحدث عنه ذلك المسؤول ليس عودة إلى ما قبل سن الأنظمة، بل تعطيل للأنظمة وتضييع للحقوق وترخيص للشركات التي تريد سلب حقوق العاملين فيها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة