«من فيض».. من دواخل الأسماء التي يستضيفها هذا الفضاء، نحاول مقاربة جوانب مخزونها الثقافي والمعرفي، واستكناه بواطنها لتمطر، ثم تقديمها إلى الناس، مصطحبين تجاربهم، ذكرياتهم، ورؤاهم في الحياة ومن حولهم، وذلك على شاكلة أسئلة قصيرة وخفيفة في آن معا. بعصامية تندر في الزمن الحاضر.. نحت في الصخر فاشتد عوده ونضجت تجاربه، فمن عامل بسيط في أحد المتاجر لم يكمل بعد دراسته الابتدائية إلى أشهر مذيع إذاعي وتلفزيوني طبع بصمته في ذاكرة كل مستمعيه ومشاهديه، والمرافق الملازم للملك فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- في حله وترحاله.. ولأن شعلة العلم وقادة في داخله لا تنطفئ، توج مسيرة عطائه بالحصول على شهادة الدكتوراة أخيرا، وقبل ذلك كان نائبا لرئيس تحرير صحيفة عكاظ، ومن ثم عضوا في مجلس الشورى. الدكتور بدر أحمد كريم.. من خلال هذه المساحة، يصدح بالصوت، ليس عبر «المايك»، ولكن برسم الحروف على الورق، بأبرز ملاحم عطائه، عبر تعدد تجاربه، من ذلك، طلب علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- بطرده من الإذاعة، وتأخير جلالة الملك فيصل -رحمه الله- إقلاع الطائرة لأجله، وتنكر مجتمعنا لرموز الرياضة، وما أسبغته تجربة الشورى على ذاته في تقبله لآراء المخالفين له. • أنت مجموعة من الاهتمامات والطموحات.. فكيف تقدم لنا نفسك بالضبط ؟. عبد من عباد الله، أصلب من الصخر، وأوهن من بيت العنكبوت. • ما الجانب الآخر من شخصيتك الذي لا تشرق عليه الشمس؟. إذا أشرقت فلكل حادث حديث. • إذا نظرنا إليك فماذا يخيل إلينا؟. يتوقف على لون النظارة. • في نقاط موجزة.. ما أبرز محطات حياتك؟. موظف في جوازات جدة، مذيع، مدير عام للإذاعة السعودية، نائب رئيس تحرير صحيفة عكاظ، مدير عام وكالة الأنباء السعودية، عضو مجلس الشورى. • وفي عبارة قصيرة ما أبرز معوق كاد يكبل مسيرتك؟. عدم حصولي على أي شهادة دراسية. • وفاة الوالدة في الصغر.. ماذا أرست في دواخلك؟. الحرمان. • سنوات عملك وكفاحك زمن الطفولة والصبا.. ماذا بقي منها في ذاكرتك؟. ذكريات و«الذكريات صدى السنين الحاكي». • متى سمع خرير «دموعك» منسابة عبر «روابي» خدودك ؟. عندما دهست بسيارتي قطة. • تحدثت كثيرا عن معاناتك، بعد فقدك لوالدتك، والدور الذي قامت به خالتك، وزوجة عمك، فماذا عن والدتك؟. شجرة افتقدت ظلها، وصدر لم يضمني. • قصة كفاحك مع العم محمود عبد الغفار.. كيف تصفها؟. تجربة تعلمت منها أشياء كثيرة. • ألم يكن مستغربا عليك، وأنت المذيع في إذاعة جدة، مزاملتك لطلاب المرحلة الابتدائية، وترددك الدائم على معلمي اللغة العربية فيها؟. لا كبير أمام العلم. • قولك «إن معظم مذيعي اليوم لا يستحقون السماع مطلقا»، عده البعض مجحفا، ما القول البتار الذي توجهه لهم؟. اقرؤوا القرآن يسلم لسانكم من الخطأ، وبيانكم عن الخلل. • لم لم تستحضر في نفسك تجربتك القاسية مع حمد الجاسر، الذي طالب بطردك من الإذاعة لضعف لغتك العربية؟. لو لم يطالب بطردي، لما عالجت عيبا من عيوبي. • اشتغالك على نفسك في ذلك الزمن.. هل هو متعذر الحصول مع مذيعي اليوم؟. نعم، ولكنه ليس مستحيلا. • قل ما لم تقله من قبل عن تكليفك بمتابعة نشاطات الملك فيصل -رحمه الله- على صعيد مواقفه معك في الجانبين الإنساني والاجتماعي؟. في دولة افريقية تأخرت عن السفر في الطائرة التي تقله، وحينما قيل له السبب، رأى الانتظار قليلا. • بأي معيار حكمت بأن عبد الله أبو السمح هو المؤسس الحقيقي لوكالة الأنباء السعودية؟. أعتذر، كان ذلك خطأ مني، فالمؤسس الحقيقي ل «واس» هو إبراهيم بن عبد الله العنقري وزير الإعلام آنذاك. • طالبت بطبيب نفسي لمن يعمل في المجال الإعلامي.. ما الداعي لذلك؟. كثرة الإعلاميين المصابين بأمراض نفسية، وكبت، وقلة ذكاء، واندفاع، وتوتر، وصعوبات تعلم، وإثارة، أفلا يستحقون طبيبا نفسيا يعالج أدواءهم ؟. • هل سبق لك أن أمسكت بتلابيبه، فأوصلك إلى قمم النجاح ؟. أمسكت بتلابيب «إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده». • لخص مشوار عملك نائبا لرئيس تحرير «عكاظ» في مانشيت صحافي. «عكاظ» مدرستي الصحفية الأولى. • لماذا يكتب الصحافي يوما بيوم، ولا يكتب للتاريخ ؟. لأن من يكتب للتاريخ يحتاج إلى أدوات كثيرة. • ما الذي دعاك للقول: «إن أخشى ما أخشاه أن يتحول المجتمع الرياضي تحديدا إلى مجتمع دفان» ؟. التنكر لرموز الرياضة السعودية. • لم سلطت الضوء في إحدى كتاباتك على نجم المنتخب السعودي صالح النعيمة تحديدا؟. لأنه النموذج الذي كان أمامي وقت ذاك. • مطالبتك بتنظيم رياضي خيري يكفل حقوق اللاعبين الرياضيين، حينما يتقدم بهم العمر، حفاظا على كرامتهم وكرامة أسرهم.. ما الصدى الذي وجدته ؟. «لا حياة لمن تنادي». • تجربتك في مجلس الشورى، بماذا أفادتك ؟ وماذا استفدت منها ؟. ألا أغضب من الرأي المضاد، وأعمل بروح الفريق الواحد. • قبل أن تكون عضوا في مجلس الشورى.. مع من كنت تتشاور؟. مع من أثق في دينه، وأمانته، وأخلاقه. • قلبك.. ريشة في درب الريح.. أم هو رأس كالرواسي؟. هو عقل في إنسان يخطئ ويصيب. • متى أحسست بالحب بركانا «يقذف» بالحمم على صدرك ؟. بل أحسست بالحب وهو يجنبني التمييز العشوائي، وأعالج كثيرا من أموري عن طريقه. • لم يعد قلبك يخفق عند ذكرها.. فهل تغيرت هي أم تغير خفقان قلبك ؟. «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». • لو قدر لك رحلة إلى القمر، من ستأخذ معك؟. ابنتي غزوة. • إصدارك «الإعلام أدوار ومسؤوليات» ماذا هدفت منه؟. القارئ يحكم. • إصدارك «سنوات مع الفيصل».. ماذا خلد الزمن الماضي في ذاكرتك عن ذلك العهد؟. سكبته في صفحات الكتاب. • هل خدعت بديكارت ومقولته الشهيرة «أنا أفكر إذن أنا موجود» ؟. التفكير لا يتأتى إلا عن علم، وإذا كنت عالما فإن بوسعك أن تفكر. • في الظلام.. أي «حواسك» الأكثر حدة؟. الشم. • ينظرون إلى الساعة كلما حللت ضيفا عليهم.. أسألك بالله لماذا ؟. لثقل دمي. • كم بلغت درجة حرارة «الوطيس» بينك وبين منتقديك؟. لم تبلغ الدرجة التي تتطلب التوقف عن العمل. • يتغامزون.. يتهامسون.. يتضاحكون.. ويشيرون إليك.. ما الحكاية ؟. ربما لأنني «ميكي ماوس» جديد. • هل بقي شيء في حقيبة الأماني؟. كثير. • ما الذي تغير في شخصيتك الكتابية خلال العقد الأخير؟. التحرر من العمل الرسمي، والانغماس في مشكلات المجتمع. • هل الكتابة غاية لك أم وسيلة ؟. هي رسالة، ومسؤولية، وواجب وطني. • ما الذي أعطتك إياه كتابة المقالة الصحافية؟. ألا أعترض على عدم نشر المقالة، بشرط أن أحاط علما مسبقا بذلك. • هل يناقشك أبناؤك فيما تكتب؟. واحد فقط. • متى تتكئ على نفسك وترفض الحوار؟. إذا كان المحاور لا تتوافر فيه مهارات الحوار. • رغم أن جاذبية الأرض تشدك إلى أسفل، إلا أن جاذبية الغرور ترفعك إلى الأعلى، فما سر هذه الفوقية التي تكتب بها؟. أكتب بفعل جاذبيتين، الأولى: التعبير عن رأيي، والثانية والأخيرة: الإدلاء بدلوي في معالجة مشكلات مجتمعي. • متى تمارس سلوك الإدارة الديمقراطية في بيتك؟. إذا فهمت الديمقراطية. • هل تعتقد أن المرأة هي ثلاثة أرباع الرجل، وليس نصفه الآخر ؟. أعتقد أن المرأة هي التي تهز المهد بيديها، وتهز العالم بكتفيها. • هل تشعر أن المجتمع أعطاك ما تستحق من تكريم بعد زمن العطاء ؟. أكثر مما أستحق. • رسالة تمتطي صهوة خيول الشوق الجامحة الرابحة.. لمن تبثها ؟. لمن صدقني لا من صدقني. • شيء ما تعلق به قلبك بأسرع مما توقعت.. ما هو ؟. الصبر على الشدائد. • أمنية، لا زالت تشعل تفكيرك وتشغله ؟. القضاء على المخدرات. • قلم «حوائي» يضيرك جفافه.. من صاحبته؟. سيدة عقلها أكبر من عمرها الزمني. • وآخر يمدك بإكسير متعة القراءة ؟. قلم نظيف، عفيف، شريف. • ماذا تعلمت من «واس»؟. أن أحترم من سبقني. • كم رأس مالك؟. أربعة أولاد وبنت واحدة. • هل حاولت نظم الشعر؟. أتذوقه فحسب. • من أقرب الناس إليك ؟. من إذا أخطأت صفح عني، وإذا أخفقت عذرني. • ما الدافع لحصولك على الدكتوراة وأنت في السبعين من عمرك ؟. وما الذي لا يدفعني لها وأنا في السبعين من عمري ؟!. • مدينة تتمنى زيارتها؟. مدينة يتوافر فيها، الخضرة، والماء، والوجه الحسن. • من معلمك الأول ؟. الزمن. • بماذا يوحي لك الغروب ؟. يوم مر وانقضى، وآخر أسأل الله أن أستقبل فيه خيرا مما استدبرت. • يومك بعد التقاعد كيف تمضيه؟. في القراءة والكتابة. • ماذا تقرأ ؟. كل ما تقع عليه يداي. • وهل كل ما تقع عليه يداك قابل للقراءة؟. يفترض هذا. • ماذا تعني لك الإذاعة؟. بيتي الأول، وصديقة عمري. • والتلفاز ؟. أخذت إضاءته مني ما أخذت. • و«واس»؟. محطتي الأخيرة قبل الشورى. • وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؟. معقل من معاقل العلم لا الإرهاب. • والدكتور فهد العسكر؟. أستاذي ومعلمي. • كلمات بالحبر الفصيح إلى: * معالي السيد أحمد عبد الوهاب نائب الحرم (الرئيس السابق للمراسم الملكية): متى تفصح عن ذكرياتك ؟. * الابن ايمن: كان الله في عونك. * الأخ أمين قطان: تظل دائما كبيرا. بدر بن أحمد كريم • ولد في محافظة ينبع البحر عام 1355ه. • اختير عضوا في مجلس الشورى (الدورة الثالثة) من عام 1422ه إلى عام 1425ه. • حصل على درجة الدكتوراة في الإعلام بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من كلية الدعوة والإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1427ه. • بدأ حياته الوظيفية مقيد صادر ووارد، بإدارة الجوازات والجنسية سابقا (الأحوال المدنية حاليا) في محافظة جدة، ثم مراقبا للمطبوعات بالمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر سابقا (وزارة الثقافة والإعلام حاليا) فمذيعا في الإذاعة السعودية، فمقدما لبرامج جماهيرية معروفة، فمديرا للتنفيذ (كبير المذيعين بلغة العصر)، فمديرا لقسم المنوعات، فمديرا لبرامج إذاعة جدة (البرنامج الثاني حاليا) فمديرا عاما للإذاعة السعودية، فمديرا عاما لشركة مروة للدعاية والإعلان، فنائبا لرئيس تحرير صحيفة «عكاظ»، فمديرا عاما لوكالة الأنباء السعودية، وبعد إحالته على التقاعد اختارته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، محاضرا في قسم الإعلام في الجامعة، وهو أول من تقدم إلى وزارة الإعلام (وزارة الثقافة والإعلام حاليا) بطلب إنشاء إذاعة خاصة في مدينة الرياض، وقد أسس حاليا «مركز غزوة للدراسات والاستشارات الإعلامية» الذي يضم هيئة استشارية من نخبة أساتذة أقسام الإعلام في بعض الجامعات السعودية. • رأس الوفود الإعلامية التي تابعت زيارات الملك فيصل -رحمه الله- في إطار دعوته للتضامن الإسلامي، ومن ثم بعض زيارات الملك خالد -رحمه الله-، فبعض زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله-. • أصدر عددا من المؤلفات منها: «نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي»، و«دور المذياع في تغيير العادات والقيم في المجتمع السعودي»: «دراسة ميدانية في قرية خليص»، وهي الرسالة التي حصل بموجبها على درجة الماجستير من قسم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز في محافظة جدة، و«دور وسائل الإعلام السعودية في نشر الثقافة» و «التحديات التي تواجه وسائل الإعلام السعودية» و «أتذكر» وهي عبارة عن سيرته الذاتية، و«عصر العاجزين عن الكلام»، وكتاب: «أفواه تتلفظ بكلمات عطرة»، وأخيرا رسالة الدكتوراة بعنوان: «دوافع التعرض للموضوعات الاجتماعية في الصحف السعودية».