الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في منطقة مكةالمكرمة صرح تعليمي كبير، يضم بين دفتيه آلاف الحلقات المنتشرة في المساجد والمراكز القرآنية، ويمثل المتعلمين فيه ربع الدارسين في جمعيات التحفيظ في مناطق المملكة. هذا التوسع في خدمة القرآن الكريم، وهذه المنطقة بالتحديد، جاء بجهود رجال أوفياء، نذروا أنفسهم لخدمة ودعم وتعليم كتاب الله الكريم، بعد توفيق الله عز وجل، بذلوا الغالي والنفيس لهذا العمل الكبير، منهم: والدنا الشيخ أحمد محمد صلاح جمجوم، رحمه الله رحمة الأبرار، رئيس الجمعية في منطقة مكةالمكرمة، الذي يعد من أوائل من أضاء الشمعة في بلادنا، رجل مبادر، صاحب فكر نير، أحب القرآن فأحبه الناس، ونحسب أنه ممن يقول الله تعالى عنهم: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا»، وممن يقول عنهم نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الله إذا أحب عبدا، نادى جبريل فقال: إني قد أحببت فلانا فأحبه، فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء، إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحب أهل السماء، قال ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض». لم يتوقف الرجل عن خدمة القرآن منذ 35 عاما إلى أن وافته المنية، ولن ننسى الخدمات الجليلة التي قدمها لجمعية التحفيظ في محافظة جدة، خاصة أنها الأولى التي أسسها ورعاها بمشاركة نخبة من أخيار أهلها، فتولى رئاستها بعد رفيق دربه الشيخ محمد صالح باحارث، رحمه الله تعالى، ليصبح بعدها رئيسا لجمعية التحفيظ في منطقة مكةالمكرمة، فجعلها بخبرته رائدة في أعمالها، مرجعا لباقي الجمعيات في المنطقة، كانت له رؤيته المستقبلية في التطوير والإبداع، خطط لبرامجها ومشاريعها بفكر ثاقب، حتى في آخر أيامه وأثناء مرضه، وكان حريصا على توسعة قاعدة حلقات ومراكز التحفيظ وانتشارها في جميع الأحياء، ويسعد عندما يرى التوسع في أعداد الطلبة والحفظة، ومن ثم مشاركتهم في المسابقات القرآنية المحلية والدولية. باختصار: فإن هذا النجاح الذي حققه الجمجوم في دعم المؤسسة القرآنية لأنه لم يعتبر نفسه رئيسا يصدر الأوامر، ولكنه كان بمثابة الأب والأخ لكل العاملين معه طوال تلك الفترة الطويلة من خدمته كتاب الله. لن أنسى مواقفه العديدة معي في جعلني واحدا من خدام كتاب الله الكريم، وذلك عندما شرفني باختياري عضوا في مجلس إدارة الجمعية في جدة، كان ذلك قبل 20 عاما في الحفل السنوي لتكريم حفظة القرآن في جدة، وقتها أعلن انضمامي والدكتور فيصل إسكندراني لنكون عضوين في مجلس إدارة الجمعية. هذا الموقف أسعدني كثيرا، لأنه أتاح لي الفرصة لخدمة القرآن عن قرب من خلال عمل مؤسسي، وأن أنضم لهذا العمل مع نخبة لها وزنها وثقلها في مجال العمل الخيري، استفدت منهم ومن أفكارهم بعد أن توليت المسؤولية الكبرى في رئاستي للجمعية، فشعرت بثقل الحمل في المحافظة على عمل كبير قام رواد عظام. والذي أتمناه من وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وهو رئيس المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، أن يتم اختيار أحد أبناء الشيخ أحمد جمجوم لعضوية جمعية التحفيظ في منطقة مكةالمكرمة. ينتمي هذا الرجل العظيم إلى عائلة تجارية معروفة، ويعتبر من القدوات في أعماله التي تقلدها، لأنه أعطى لها عصارة فكره وتجاربه، فكان وزيرا للتجارة والصناعة، في عهد الملك فيصل، وأول رئيس مجلس إدارة للخطوط العربية السعودية، ومديرا عاما لمؤسسة المدينة للصحافة والنشر، ورئيسا لمجلس إدارتي الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في محافظة جدة، ومنطقة مكةالمكرمة، وعضوا مؤسسا في غيرها، وداعما للمشاريع الخيرية داخل المملكة وخارجها، ورئيسا لعدة بنوك إسلامية، لذا كان مشواره حافلا بالعطاء استنشق عبيره كل من عمل حوله ومعه. * رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في محافظة جدة.