سقط «السيليساو» من القمة إلى الحضيض وشكل خروجه صدمة قوية، وهو الذي كان مرشحا بقوة إلى التتويج باللقب السادس في تاريخه وتعويض خيبة أمل النسخة الأخيرة عندما توقف قطاره في الدور ربع النهائي أيضا بالخسارة أمام فرنسا 0-1. كانت الجماهير البرازيلية تعقد آمالا كبيرة على منتخبها في العرس العالمي لاستعادة البسمة التي غابت عنها منذ التتويج بلقب النسخة السابعة عشرة في كوريا الجنوبية واليابان معا وإضافة لقب جديد في قارة جديدة بعدما تذوقت طعم التتويج في القارات الأربع (أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية)، لكن أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث، وتحول الحلم إلى كابوس بل الأكثر من ذلك أن المنتخب البرازيلي المصنف أول عالميا والمتوج بكأس القارات العام الماضي وكوبا أمريكا 2007، ودع المسابقة من الباب الضيق بعد عرض باهت أمام المنتخب البرتقالي خصوصا في الشوط الثاني. بوادر الإقصاء بدت من الدور الأول والمعاناة أمام كوريا الشمالية (2-1) والبرتغال (صفر-صفر)، لكن الفوز الكبير على تشيلي (3-0 في ثمن النهائي) بعث الآمال من جديد، قبل أن يتسرب الشك إلى قلوب المشجعين البرازيليين منذ الوهلة الأولى من مباراتهم أمام هولندا، من خلال توتر أعصاب لاعبي السيليساو وسقوطهم في فخ استفزازات خصومهم، إضافة إلى فشلهم في ترجمة السيطرة على مجريات الشوط الأول إلى اهداف كانت ستضعهم في مأمن من أي ردة فعل برتقالية في الشوط الثاني. وزاد الطين بلة ضعف الدفاع البرازيلي والخطأ الفادح لحارس مرماه جوليو سيزار في إبعاد الكرة العرضية لويسلي سنايدر قبل أن يضعها فيليبو ميلو بالخطأ داخل مرماه. وهو الهدف الأول الذي يدخل مرمى البرازيل من نيران صديقة في تاريخ مشاركاتها في العرس العالمي الذي لم تغب عنه أبدا. البطاقة الحمراء لميلو كانت الثانية للبرازيليين في البطولة وهي علامة واضحة على توتر أعصاب لاعبي السيليساو في المباريات الخمس التي خاضوها في وقت كان من المفروض أن يتحلوا ببرودة الأعصاب بالنظر الى لاعبي الخبرة في صفوفهم بدءا من حارس مرمى إنتر ميلان جوليو سيزار مرورا بالقائد لوسيو وصولا إلى كاكا وروبينيو. لكن الضغوطات كانت كبيرة على اللاعبين لأنهم كانوا مطالبين باللقب ولا شيء سواه. خروج البرازيل خالية الوفاض يؤكد فشل استراتيجية الأسلوب الدفاعي الذي اعتمد عليه مدربها كارلوس دونغا الذي واجه انتقادات لاذعة من وسائل الإعلام المحلية منذ زمن بعيد. وعبارته الشهيرة التي اطلقها كتحد لوسائل الاعلام المحلية في الثالث من يونيو الماضي ارتد صداها ضده. وقتها قال دونغا الذي خسر 7 مباريات من أصل 68 مباراة على رأس السيليساو (49 فوزا و12 تعادلا): «هناك بالتأكيد (في جنوب أفريقيا) نحو 300 صحافي برازيلي ينتظرون إقصاءنا من أجل أن يقولوا بأنهم كانوا على حق، وأن المدرب كان محظوظا جدا في كوبا أمريكا (2007) وكأس القارات (2009)». لم يسلم دونغا الذي لقب سابقا "ترمينيتور" نظرا للعبه القاسي على أرض الملعب، من الانتقادات منذ بداية مشواره على راس الإدارة الفنية للسيليساو فأصبحت قلة خبرته مثار جدل كما انتقد كثيرا لعدم اعتماده اللعب الجميل الذي يتميز به المنتخب البرازيلي. دافع دونغا عن نفسه: «أريد جلب الإرادة التي كانت لدي كلاعب إلى المنتخب. الطاقة، الحماس ورغبة الفوز هي أمور ضرورية لحمل ألوان منتخب البرازيل». لكن الانتقادات استمرت ووصلت إلى حد مطالبته بالاستقالة حتى أن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا كان من بين موجهي السهام نحوه. أدار دونغا ظهره لهذه الانتقادات، ولكن في نهاية المطاف، أثبت الإعلام البرازيلي أنه كان محقا لأن النتائج التي حققها المدرب سابقا لا قيمة لها أمام فشل من هذا القبيل في مسابقة عالمية تسيطر عليها البرازيل بخمسة ألقاب وتملك من النجوم ما يجعلها ملزمة على الأقل بالتواجد ضمن الأربعة الكبار. أخطأ دونغا في اختيار التشكيلة المونديالية بتفضيله لاعبين يملكون حسا دفاعيا اكثر من الهجوم كغرافيتي وجوليو باتيستا ونيلمار على حساب نجوم بدت الحاجة إلى خدماتهم واضحة في جنوب أفريقيا هم صانع ألعاب ميلان الإيطالي رونالدينيو وزميله في النادي اللومباردي المهاجم الواعد الكسندر باتو، وأدريانو الهداف المتألق مع فلامنغو البرازيلي، ولاعب وسط سانتوس الرائع غانسو (19 عاما). اعتراف دونغا بالفشل جاء متأخرا و «حيث لا ينفع الندم»، لكن الشيء الأكيد هو أن إخفاقه في العرس العالمي سيغطي كليا على جميع الإنجازات التي حققها مع السيليساو وسيبقى نقطة سوداء في مسيرته التدريبية.