جوهانسبورغ - أف ب - مرة أخرى خيب المنتخب البرازيلي آمال جماهيره العريضة بخروجه خالي الوفاض من النسخة ال 19 من نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقامة حالياً في جنوب أفريقيا بخسارته أمام هولندا 1-2 اول من امس (الجمعة) في بورت اليزابيث ضمن الدور ربع النهائي، وسقط «السيليساو» من القمة الى الحضيض وشكل خروجه صدمة قوية وهو الذي كان مرشحاً بقوة الى التتويج باللقب السادس في تاريخه وتعويض خيبة أمل النسخة الأخيرة عندما توقف قطاره في الدور ربع النهائي ايضاً بالخسارة امام فرنسا صفر-1. بوادر الاقصاء بدت من الدور الاول والمعاناة امام كوريا الشمالية (2-1) والبرتغال (صفر-صفر)، لكن الفوز الكبير على تشيلي (3-صفر في ثمن النهائي) بعث الامال من جديد، قبل ان يتسرب الشك الى قلوب المشجعين البرازيليين منذ الوهلة الاولى من مباراتهم امام هولندا من خلال توتر اعصاب لاعبي السيليساو وسقوطهم في فخ استفزازات خصومهم اضافة الى فشلهم في ترجمة السيطرة على مجريات الشوط الاول الى اهداف كانت ستضعهم في مأمن من أي رد فعل برتقالي في الشوط الثاني. وزاد الطين بلة ضعف الدفاع البرازيلي والخطأ الفادح لحارس مرماه جوليو سيزار في ابعاد الكرة العرضية لويسلي سنايدر قبل ان يضعها فيليبو ميلو بالخطأ داخل مرماه. وهو الهدف الاول الذي يدخل مرمى البرازيل من نيران صديقة في تاريخ مشاركاتها في العرس العالمي الذي لم تغب عنه ابداً معاناة البرازيل بدت ايضاً من خلال المدافع الايسر ميشال باستوس الذي كان بعيداً عن مستواه وحار في كيفية ايقاف زحف الجناح اريين روبن على غرار زملائه، واذا كان مدربه كارلوس دونغا انتبه الى ذلك واخرجه خوفاً من تلقيه انذاراً ثانياً، فانه لم يقو على فعل اي شيء امام التدخل الخشن ومن دون كرة لميلو بحق مهاجم بايرن ميونيخ فكان جزاؤه بطاقة حمراء دفع زملاؤه ثمنها غالياً لانه عجزوا طيلة الدقائق ال17 المتبقية عن ادراك التعادل امام منتخب هولندي منظم بشكل جيد في جميع الخطوط. خروج البرازيل خالية الوفاض يؤكد فشل استراتيجية الأسلوب الدفاعي الذي اعتمد عليه مدربها كارلوس دونغا الذي واجه انتقادات لاذعة من وسائل الإعلام المحلية منذ زمن بعيد. عبارته الشهيرة التي أطلقها كتحد لوسائل الإعلام المحلية في الثالث من حزيران (يونيو) الماضي ارتد صداها ضده. وقتها قال دونغا الذي خسر 7 مباريات من أصل 68 مباراة على رأس «السيليساو» (49 فوزاً و12 تعادلاً): «هناك بالتأكيد هنا (في جنوب أفريقيا) نحو 300 صحافي برازيلي ينتظرون إقصاءنا من أجل أن يقولوا إنهم كانوا على حق، وإن المدرب كان محظوظاً جداً في كوبا أميركا (2007) وكأس القارات (2009)». لم يسلم دونغا الذي لقب سابقاً «ترمينيتور» نظراً للعبه القاسي على أرض الملعب، من الانتقادات منذ بداية مشواره على رأس الإدارة الفنية ل «السيليساو» فأصبحت قلة خبرته مثار جدل، كما انتقد كثيراً لعدم اعتماده اللعب الجميل الذي يتميز به المنتخب البرازيلي. دافع دونغا عن نفسه: «أريد جلب الإرادة التي كانت لدي كلاعب إلى المنتخب. الطاقة، الحماسة ورغبة الفوز هي أمور ضرورية لحمل ألوان منتخب البرازيل». لكن الانتقادات استمرت ووصلت إلى حد مطالبته بالاستقالة حتى إن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا كان من بين موجهي السهام نحوه. ففي العام 2008 وخلال الخسارة الأولى للبرازيل في تاريخها أمام فنزويلا المتواضعة (صفر-2) في مباراة ودية على أرض محايدة، ثم بعد التعادل السلبي أمام فنزويلا أيضاً على أرضها وأمام بوليفيا في تصفيات مونديال 2010، علت الأصوات المنادية برحيله. أدار دونغا ظهره لهذه الانتقادات، ولكن في نهاية المطاف، أثبت الإعلام البرازيلي أنه كان محقاً لأن النتائج التي حققها المدرب سابقاً لا قيمة لها أمام فشل من هذا القبيل في مسابقة عالمية تسيطر عليها البرازيل بخمسة ألقاب وتملك من النجوم ما يجعلها ملزمة على الأقل بالوجود ضمن الأربعة الكبار. النجوم كانوا المشكلة الأساسية ل «السيليساو» في جنوب أفريقيا لأنهم لم يقدموا أبداً عرضاً مقنعاً يشفع لهم بإنجازاتهم السابقة سواء مع منتخب بلادهم أو الأندية التي يدافعون عن ألوانها، خصوصاً نجم ريال مدريد الإسباني وأفضل لاعب في العالم عام 2007 ريكاردو كاكا و «الفتى المدلل» روبينيو اللذين قدما لمحات فنية في فترات متباينة. وفي بلاد اللعب الجميل الذي لا يزال يعيش على إبداع بيليه ومنتخب 1970، فإن هذه العروض المخيبة لا تغفر. اعتراف دونغا بالفشل جاء متأخرا و «حيث لا ينفع الندم»، لكن الشيء الأكيد هو أن إخفاقه في العرس العالمي سيغطي كلياً على جميع الإنجازات التي حققها مع «السيليساو» وسيبقى نقطة سوداء في مسيرته التدريبية. «لم ننجح في تحقيق الهدف الرئيسي الذي جئنا من أجله هنا في جنوب أفريقيا: أن نصبح أبطالاً للعالم» كانت هذه هي الكلمات الأخيرة لدونغا قبل التخلي عن منصبه بنهاية عقده مع الاتحاد البرازيلي الذي أصبح مطالباً أكثر من أي وقت مضى، بتعيين مدرب قادر على تحقيق الحلم البرازيلي بعد أربعة أعوام في البرازيل بالذات.