عدد السفير الأمريكي لدى الرياض جيمس سميث نتائج زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى واشنطن، مؤكدا أنها ستسهم في تجذير الحوار السياسي بين الرياضوواشنطن، وتعميق الشراكة الاستراتيجية، مفضية إلى دفعة قوية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط. وذكر في حوار مع «عكاظ» أن الرئيس باراك أوباما يعتبر الملك عبدالله زعيما سياسيا بارزا، وحريصا على تعزيز السلام والأمن في المنطقة والعالم، مشيرا إلى أن الملك عبدالله والرئيس أوباما سيسعيان معا لتحقيق سلام عادل وشامل لأزمة الشرق الأوسط وإيجاد دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبا إلى جنب بأمن وسلام. وعبر عن شعوره بأن الملك عبدالله يتمتع بالتزام جاد لتحقيق السلام في المنطقة، مؤكدا أن القيادتين في البلدين تبذلان جهودا مضنية وحثيثة للوصول إلى الحلول النهائية للملفات العالقة واستحداث أنجع السبل لحسمها إيجابا. وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي أوباما ما زال ملتزما برؤيته التي طرحها في خطاب القاهرة التاريخي، وتحقيق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية بغية تحفيز الأطراف كافة نحو منطقة آمنة ومستقرة. فإلى ثنايا الحوار: علاقات متميزة • بداية كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية؟ أؤكد لكم أنه بعد مرور 65 عاما على إنشاء العلاقات السعودية الأمريكية، فإنها ما زالت تأخذ منحى استراتيجيا. ففي 14 فبراير عام 1945 كان اللقاء التاريخي بين الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله والرئيس الأمريكي روزفلت. وهذا اللقاء كان بمثابة الركن الأساس للعلاقات بين البلدين، لتصبح مع مرور الوقت متميزة وممتازة. ولقد تجاوزت هذه العلاقات كل التجارب والتحديات، وبحكم تجربتي هنا في المملكة كسفير، فإنني استطيع أن أؤكد أن هذه العلاقات تتطور نحو الرسوخ والمتانة. كما أنني متفائل تماما بالمستقبل. • من وجهة نظركم ما هي الإنجازات التي تحققت عبر هذه العقود في العلاقات؟ هناك إنجازات كبيرة تحققت، ويصعب ذكرها على عجالة، والأهم في مجال مكافحة الإرهاب والعنف. ومنذ خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في العاصمة المصرية القاهرة، ونحن نتطلع إلى توسيع مجالات واسعة من المبادرات، فضلا عن الالتزام نحو علاقات متينة وقوية مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. واعتقد أن من المجالات المهمة التي حققت نتائج إيجابية، هي كما ذكرت التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون في مجال التحديات السياسية في المنطقة، سواء في اليمن، العراق، أو عملية السلام في الشرق الأوسط. كما أن هناك حوارا سياسيا جادا ومستمرا بين البلدين، واهتماما تاما بأمن واستقرار المنطقة. الحوار الاستراتيجي مستمر • هل لنا أن نقف على مستشرفات مستقبل الحوار الاستراتيجي بين البلدين؟ في الحقيقة، الحوار الاستراتيجي مستمر عبر قنواته، وهناك سلسلة من الحوارات الاستراتيجية الأخرى، على سبيل المثال خلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان إلى الولاياتالمتحدة أخيرا، حين تبلورت الرؤى المشتركة نحو تعزيز التعاون العسكري. ثم إن حواراتنا مستمرة مع كبار المسؤولين السعوديين حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهناك قنوات اتصال مفتوحة بين البلدين، وهي تعمل دائما على تكريس أوجه التعاون في جميع المجالات. متحمسون للزيارة • كيف تنظرون إلى أهمية زيارة الملك عبدالله إلى واشنطن، ومن ثم انعكاساتها على استحداث حلول لأزمات منطقة الشرق الأوسط، خاصة أنها الزيارة الأولى لخادم الحرمين الشريفين إلى واشنطن منذ تقلده مهام الحكم؟ نحن متحمسون لهذه الزيارة، إذ ننظر للملك عبدالله كزعيم سياسي يحظى بالاحترام والتقدير في العالم، وكما تعلمون أن الرئيس الأمريكي زار المملكة العام الماضي وقدم دعوة مفتوحة للملك عبدالله لزيارة الولاياتالمتحدة. ولهذا، نحن نتطلع بكل اهتمام لزيارة الملك عبدالله إلى الولاياتالمتحدة، لأنها ستكون ذات انعكاسات إيجابية في مسيرة العلاقات السعودية الأمريكية. وأود أن أذكر هنا أن الملك عبدالله والرئيس أوباما يقيمان قنوات حوار ومحادثات مستمرة. وهناك تداول قائم بين السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير وشخصي. فنحن نتبادل الآراء والأفكار. وعليه، فإن هذا الحوار مستمر بين القيادتين في البلدين اللذين ينعمان بدفء العلاقات. ولهذا فإننا متحمسون لزيارة خادم الحرمين إلى واشنطن ولقاءاته التي سيجريها مع الرئيس الأمريكي أوباما. وأؤكد أن العلاقات السعودية الأمريكية تعتبر علاقات استراتيجية، ولقد مرت على هذه العلاقات المتميزة خمسة وستون عاما منذ اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز رحمه الله والرئيس روزفلت. والسياسة التي يتبناها الملك عبدالله تشكل رافدا أساسا من روافد اتزان السياسة الخارجية للمملكة وحرصها على السلام والأمن الدوليين، وهو ما نقل المملكة إلى مصاف الدول المؤثرة عالميا من خلال سياستها المتوازنة، وسعيها الحثيث لخدمة قضايا الأمن والسلم العالمي، وتحقيق مكانة متميزة في العالم. وفي الواقع، أصبحت الرياض مرجعاً مهماً لحل قضايا المنطقة وشريكاً دولياً بارزاً في صناعة القرار العالمي. تنسيق عالٍ لمكافحة الإرهاب • كيف تنظرون إلى مستقبل التعاون السعودي الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب؟ هناك تنسيق عالي المستوى بين البلدين لاجتثاث الإرهاب من جذوره، وهذا التعاون مستمر، وهناك إرادة وحرص لدى الطرفين في تعزيز التعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب. نتطلع إلى المستقبل • ما هي رؤيتكم لمستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط؟ نتفهم الإحباط الموجود داخل الأوساط العربية، خاصة بعد حادثة أسطول الحرية، إلا أنه علينا أن نتطلع إلى المستقبل وأن نكون متفائلين مستمرين في محاولاتنا للتقريب بين وجهات نظر الفلسطينيين والإسرائيليين، بهدف دعم المفاوضات غير المباشرة، وصولا إلى المفاوضات المباشرة لتحقيق الحلول النهائية. المبادرة العربية إيجابية • كيف تنظر الإدارة الأمريكية لمبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبدالله في قمة بيروت العربية؟ مبادرة السلام العربية تعتبر صيغة إيجابية لحل الصراع العربي الإسرائيلي، توفر الأمن لإسرائيل وتنشئ الدولة للفلسطينيين، وعلى الطرفين تقديم تنازلات. وأعتقد أن استمرار الحوار بين الطرفين سيؤدي في النهاية إلى الحل النهائي الذي ينشده الجميع. لأن إسرائيل تريد الأمن والفلسطينيون يريدون الدولة، وعلى الطرفين الحوار لتحقيق هذا الهدف. حريصان على السلام • إذن، كيف يمكن تعزيز الحوار السعودي الأمريكي إزاء تحقيق السلام وإيجاد حلول للصراع العربي الإسرائيلي باعتبار أن البلدين حريصان ولاعبان رئيسيان في المنطقة؟ هناك جهود مضنية ومستمرة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، والملك عبدالله والرئيس أوباما ملتزمان تماما بعملية السلام في الشرق الأوسط، والوصول إلى اتفاق للسلام. وكل الجهود التي بذلت خلال العام الماضي موجهة تحديدا للوصول إلى حلول لعملية السلام. وكما قلت فإن الملك عبدالله لديه التزام حقيقي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، ويعلم الجميع أن الملك عبدالله هو صاحب المبادرة العربية للسلام التي طرحت في قمة بيروت عام 2002، والرئيس أوباما جعل هذه المبادرة أساسا لتحركاته الدولية. وعقب شهرين من تقلده مهام الرئاسة، أعلن الرئيس أوباما عن التزامه بعملية السلام وحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، اللتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن ورفاهية. الهدف النهائي هو السلام • ولكن منذ خطاب القاهرة لم نلمس أن هناك اختراقا إيجابيا لتحقيق عملية السلام في الشرق الأوسط، بل هناك شعور بوجود انتكاسة في عملية السلام، ما تعليقكم؟ أنا أتفهم الشعور بالإحباط الموجود في المنطقة، خاصة بعد حادثة أسطول الحرية. لن أستطيع أن أقول إن المشاعر التي صاحبت ما حدث غير حقيقية، ولكن استطيع أن أقول إن علينا أن نتطلع إلى المستقبل. وعلينا أن نستمر في محاولاتنا في تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المفاوضات غير المباشرة التي ستوصلنا إلى المفاوضات المباشرة لتحقيق الهدف النهائي والحل الشامل.