رأيتها تجلس خلف طاولة صغيرة وضعت فوقها أربعة (ترامس) وشيئا من البسكويت والتمر وإلى جانبها طفل لا يتجاوز ال12 من السنين، في مكان ما لا أريد أن أذكر اسمه؛ لأنني أدرك جيدا أن مراقبي البلدية عندنا أسرع وصولا للفقراء الكادحين من عيون وزارة الشؤون الاجتماعية، هذا إذا كان لهذه الوزارة عيون ترى بها الفقراء أو أذان تسمع بها أو قلوب يعقلون بها «فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور». قلت لها: ماذا تبيعين يا خالة، قالت: أبيع ما أحل الله بيعه لأجد لأبنائي قوت يومهم، فلا أحتاج ولا يحتاجون لبيع غيره مما كثر اليوم شراؤه وحرم بيعه. قلت: وما في الترامس. قالت: شاي ونعناع وقهوة وشاي بالحبق. قلت: أمشروبات ساخنة في هذا الحر الشديد. قالت: أعذرنا فنحن نعاني على مدار السنة من حر شديد في القلوب فلا نكاد نشعر بفارق الطقس، وصدقني من احتر قلبه لا يهتم بحرارة الجلد تماما مثلما أن من برد جلده تحت المكيفات يبرد الدم في قلبه فلا يشعر بغيره. قلت لها: أنا صحافي، فهل تسمحين لي بتوجيه مزيد من الأسئلة للإطمئنان على وضعكم مع الشؤون الاجتماعية والضمان الاجتماعي. قالت: اسأل، فغيرك من الضمان الاجتماعي لم يسأل وإن كنت (جاسوسا) للبلدية وتنتظر (ونيتهم) يصل فاتق الله فيني، أنا لم أتسول ولم أبع ممنوعات، أنا أبيع ما أحل الله لأضمن لأربعة مثل هذا -وأشارت إلى ابنها- وزوج مصاب بالسكر راتبه التقاعدي 1700 ريال، ما يسد جوعهم والبلدية سوف تصادر الترامس، وهذا معناه ألا نأكل ولا ندفع إيجار البيت لأن راتب التقاعد لا يغطي إيجار البيت. قلت: اطمئني أنا أتجسس لصالح «عكاظ» وهي تسعى لكم منذ مدة، لكن الشؤون الاجتماعية تدعي أنها تصرف لكم الضمان. قالت: لا ضمان اجتماعي لنا؛ بحجة أن زوجي لم يبلغ ال60 وله راتب تقاعدي 1700 ريال شهريا، وهم لو استخدموا الحاسبة الموجودة في جوالاتهم عرفوا أن هذا المبلغ لا يكفي ليعيش به فرد واحد من الأسرة التي لا تملك بيتا ولا دخلا غيره. قلت: وما أحوالكم مع الجمعيات. قالت: كالمستجير من الرمضاء بالنار، فالجمعيات تقول لو كنتم مستحقين أعطاكم الضمان، يا أخي لا يقدر أحوالنا إلا ربنا ثم هذه الترامس، فإن شئت اشتر منها أو ادع لها بألا تنام في بيت مراقب البلدية فننام بلا عشاء ولا مأوى. سؤالي لوزير الشؤون الاجتماعية؛ هل التكنولوجيا المطبقة في العالم أجمع التي أخذ منها الجادون في وزارة الداخلية ما يرصد للمواطن والمقيم كل المعلومات الشاملة في البوابات الإلكترونية بل أتاحها له ليستفيد منها واستفاد منها المرور في رصد المخالفات والجوازات في رصد عدد السائقين والعاملات، باستخدام رقم الهوية الوطنية، ألا يمكن أن تتطور الشؤون الاجتماعية وترصد من خلالها وبكل يسر الدخل الفعلي للأسرة وتقارنه بخط الفقر وتحدد من خلاله الاستحقاق بدلا من أعذار وجود راتب تقاعدي أو ابن لم يجد وظيفة (سيكيورتي) ؟!!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة