لم يدر بخلد أربعة فنانين فلسطينيين، يدينون بمكتسبهم الإبداعي لأجيال مختلفة، أنهم سيطلقون البارحة الأولى ألبومهم الغنائي من ذات المكان الذي سجل فيه، في أحد البيوت الفلسطينية في حي «الشيخ جراح» المهدد أهله بالطرد مما تبقى منه لصالح المستوطنين اليهود. «صرخة من القدس» الذي أنتجه النرويجي ايريك هلستاد وقال عنه بعد الحفل: «يقدم أغاني هذا الألبوم أربعة أجيال من الفلسطينيين من أماكن جغرافية مختلفة، من الناصرة، الجليل ورام الله بمرافقة ستة عازفين أجانب، لم تشكل اللغة حاجزا بينهم لأن الموسيقى لا تعرف الحدود». واسترسل بأن: «مشاركة فنانين فلسطينيين في الغناء فقط، كان يهدف إلى إيصال الاحساس القوي والعميق لما جرى لهذه العائلة من الاستيلاء على نصف منزلها من قبل المستوطنين. لقد كنت هنا عام 1992، ولدي اطلاع على ما يجري في الأراضي ولكن ما شاهدته هنا في هذا المنزل أصابني بصدمة كبيرة». واستولى المستوطنون على قسم من منزل رفقة الكرد (90 عاما) في حي «الشيخ جراح» في القدس الذي اختير لتسجيل الألبوم الغنائي فيه نهاية العام الماضي بحجة أن الجزء الذي تم الاستيلاء عليه مقام على أرض تعود ملكيتها لإحدى جمعيات الاستيطان الإسرائيلية، الأمر الذي ينفيه أصحاب المنزل. وقال نبيل الكرد ابن صاحبة المنزل إنه سيخوض صراعا قانونيا لاسترداد ذلك الجزء الذي استولى عليه المستوطنون الذين لم يظهر أي منهم في المنزل الذي حضر إليه عشرات المواطنين الفلسطينيين للاحتفال بإصدار الألبوم الغنائي. وأوضح أن المستوطنين لا يسكنون بشكل دائم في القسم الذي استولوا عليه ووضعوا عليه الإعلام الإسرائيلية، والمقابل لمنازل أخرى استولى عليها المستوطنون من عائلة حنون وغاوي في ذات الحي. وانتج الألبوم الغنائي بالتعاون بين مؤسسات فلسطينية وأجنبية ويوزع معه كتيب يضم ترجمة لكلمات الأغاني التراثية المتعلقة بالقدس والتي كتب عدد منها خصيصا لهذا الألبوم، وشرحا لقصة المنزل وتاريخه، إضافة إلى صور فوتوغرافية لعملية تسجيل الألبوم داخل المنزل الذي أقيم جزء منه في خمسينات القرن الماضي وأضيف القسم الذي استولى عليه المستوطنون عام 2000. وجاء في الكتيب: «صرخة من القدس...هناك وقت للبكاء، ووقت للضحك، ووقت للرقص. وفي القدس هذا وقت البكاء والحزن. أردنا أن نجسد ( صرخة من القدس) بتسجيل مرثية لأربعة مغنين يمثلون سكان المدينة التي تعاني من التنكيل من قبل الاحتلال الإسرائيلي». وقالت الفنانة الفلسطينية ريم بنا كاتبة وملحنة ومغنية الأغنية التي حمل الألبوم اسمها «صرخة من القدس» : «في هذه الأغنية أصف المدينة التي أول ما تشاهد حينما تدخل إليها الجيش والشرطة والجدار لذلك أقول في الأغنية القدس: سكروها بوجه الناس ما عاد حدا يقدر يشوفها بعيون الناس حرقوها هدموها واحتلوا البيوت بعز النهار، الناس شردوها بقوة السلاح.. جيش وحواجز وحاصروها بجدار». وتشهد مدينة القدس هذه الأيام مزيدا من قرارات هدم ومصادرة منازل فلسطينيين لأسباب مختلفة منها البناء بدون ترخيص، او الحاجة لاقامة مرافق عامة خصوصا في حي سلوان، الأمر الذي لاقى تنديدا فلسطينيا رسميا مع التحذير من إشعال حرب دينية في المنطقة. ويقول فلسطينيون إن الحصول على تصريح بالبناء من إسرائيل هو أمر مستحيل.