عفت أسرة مغربية عن شاب سعودي (33 عاما) قتل ابنها (38 عاما) في الرياض، بسبب أزمة مالية بين الاثنين، حيث اقترض الثاني من الأول مبلغا إلى أجل مسمى، ولم يستطع المدين من الوفاء بدينه في الوقت المحدد، فنشب بينهما خلاف حاد، فأرداه قتيلا. أراد أهل القتيل استيفاء حقهم في القصاص، فتدخل أهل الخير والإحسان في عتق رقبة القاتل، كما يوضح الدكتور علي المالكي المستشار الخاص للأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز، وذهبوا لأهل المقتول في مكان إقامتهم في الرباط في المغرب لتذكيرهم بثواب العفو، ومنحهم دية عن ابنهم بمبلغ ثلاثة ملايين ريال، ولم يجد المصلحون استجابة من أهل القتيل. الغريب في القصة، كما يشير الدكتور المالكي، إلى أن ذوي القتيل رفضوا المال الكبير للتنازل، في حين أنهم وافقوا على التنازل مقابل أداء الحج والعمرة لتسعة من ذويهم، بعد اقتراح أحد المشايخ عليهم أداء الحج والعمرة لهم ولمن يحبون مقابل العفو، مبينا «كنا نتوقع أن هذا حل بعيد، خاصة أن الأسرة رفضت الثلاثة ملايين ريال للتنازل عن قاتل ابنها، لكن الذي ظهر العكس، حيث بدأ التراجع منهم في المبادرة إلى التنازل عن حقهم عندما سمعوا عن الحج والعمرة، وبعد برهة من التفاوض فيما بينهم قدموا قائمة مكونة من تسعة يريدون تأدية الحج والعمرة مقابل العفو، وهذا دليل على أن المسلم مفطور على حب العمل الصالح، وليس جمع المال، كما يرى البعض». وتؤكد والدة القتيل (فاطمة.ع) أن فرصة الحج والعمرة والمكوث بين جنبات المسجدين الحرام والنبوي أغلى من كل الأموال، لذا «كنا مصرين على القصاص لابننا من القاتل حتى ولو دفع عنه ملايين الدراهم، فالمال يعوض، والحج والعمرة فرصة لنا، ولأقاربنا الذين قد لا تتوافر لديهم الإمكانيات لأداء هذه الفريضة، وربما يسبقنا القدر عن الحج والعمرة». وبالعودة إلى الدكتور المالكي فإنه يوضح أن العفو شعار الصالحين الأنقياء ذوي الحلم والأناة والنفس الرضية، وله فضل عظيم وأجر كبير، وقد أمر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بالعفو والصفح «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين»، مبينا أن الصحابة ضربوا لنا أروع الأمثلة في عفوهم وصفحهم عن الناس، فتخلقوا بأخلاق نبيهم صلى الله عليه وسلم في العفو والصفح، وقد قالت عائشة رضي الله عنها عن خلقه عليه الصلاة والسلام: «لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح».