عندما أقرأ في صحيفة، أو أشاهد عبر قناة فضائية، أو في مجلس ما، وأجد مواطنين يتوسلون، أو يلهجون بالدعاء للمسؤول، وأسمع منهم عبارات التذلل والخنوع عند المطالبة بحق من حقوقهم، أو عند الاستجابة لمطلب من مطالبهم المحقة، فإنني أشعر بكثير من الأسف والأسى لهم. إنني أخشى إذا ما استمر هذا الوضع وتمادى أن يتحول المواطنون إلى شحاذين يفقدون كرامتهم ومعنى وجودهم، بينما هم أصحاب حقوق يفترض على المعنيين تلبيتها لهم بدون أي منة أو توسل، فالكرامة يجب أن تسبق الوجود، إذ لاحياة بدون كرامة، ولا كرامة بدون معزة، (لا تسقني ماء الحياة بذلة .. بل اسقني بالعز كأس الحنظل). إن التوسل في طلب الحقوق يعتبر خنوعا ومذلة وامتهانا للكرامة .. فإذا كان للوطن حقوق، فإن للمواطن أيضا حقوقا، وعلى المسؤولين واجبات لابد من أدائها كاملة، ولابد أن يعي كل منا ماله وما عليه ويؤديها، حتى تستوي المعادلة الوطنية والحقوقية، ويحدث التكامل الإيجابي. فالدولة لم تعين المسؤولين والموظفين للتباهي أو لخدمة أنفسهم أو من يعنيهم أمرهم، بل لخدمة كل مواطن بدون استثناء، وتحقيق مطالبه المحقة بدون منة أو توسل، وفي حال عدم قيام أي منهم بأداء ماهو مطلوب منه، فلابد من مساءلته ومحاسبته، وإبعاده عن موقع المسؤولية، واستبداله بمن يعي واجباته ويؤديها على أكمل وجه، بدون أي منة أو تعال. فالمواطن الذي لا يتمتع بالكرامة في وطنه وبين مجتمعه، فأين يمكن أن يتمتع بها؟!، كما أن فقد الكرامة يجعل الإنسان مهزوزا وضعيفا، لا يستطيع مواجهة الصعاب والتحديات، لأن الكرامة هي التي تقوي الإنسان وتجعله قادرا على مواجهة الصعاب والتحديات، وبالتالي الاعتماد عليه، ونحن نريد أجيالا قوية وقادرة وفاعلة، لا أجيالا مستكينة وفاشلة. إن غرس الكرامة في النفوس لا يتحقق بالطلب والتمني، بل يحتاج للقناعة الحقيقية ولعوامل الغرس الفعلية، بدءا من مراحل التكوين الأساسية، في المدرسة والجامعة ومعاهد التعليم، وداخل الأسرة. وبدون ذلك لن يكون هناك بناء ولا تطور ولا مستقبل.. وبالله التوفيق. [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 266 مسافة ثم الرسالة