من أجل أمانة التوثيق أقول لكم إنني مضطر لكتابة هذا المقال الساعة الواحدة وخمسين دقيقة من صباح الأربعاء. الجانب الإيجابي في هذه الكتابة الاضطرارية المفاجئة أن يأتيك موضوع ساخن من حيث لا تحتسب، والجانب السلبي أن النوم يغادر عينيك بعد أن تسمع الحكاية. الوقت متأخر وسأحاول الاختصار قدر الإمكان. أحد زملائي من الأطباء تضطره طبيعة عمله إلى السفر للرياض كل أسبوع لعضويته في كثير من اللجان الطبية. هو شخص منظم، ينام مبكرا ويحترم الوقت، لذلك حين اتصل بي الساعة الواحدة وأربعين دقيقة صباحا لم يدع جوالي يرن أكثر من مرة ليترك احتمالات الرد مفتوحة، مع أنه أكثر من أخ ويعرف أن الله ابتلاني بالأرق والقلق .. خير يا بو خالد؟؟، هكذا قلت له حين اتصلت به، لأني أعرف أنه لا يمكن أن يكون مستيقظا في هذا الوقت إلا «للشديد القوي»، الذي يتعلق بالكوارث المرضية .. والحقيقة أنني فوجئت حين كان حديثه لا يتعلق بالمرضى ولا بأوجاعهم. يا بو علي فكنا من خطوطكم .. بكل بساطة وتلقائية وقرف وأسى، قالها زميلي .. خير يا بو خالد. مين قال لك إنها خطوطي أو إنني مسؤول مهم فيها؟؟. رد علي بما معناه: خطوطنا الجوية التي يفترض فيكم ككتاب أن تنصفوا الناس منها .. مسكين أبو خالد، لأنه من النوع الذي يعتقد أن الصحافة سلطة رابعة بالفعل .. إيش الحكاية يا مولانا؟؟. قال: اسمع يفترض أن أسافر على الرحلة رقم 1781 التي تقلع الساعة التاسعة وخمسين دقيقة مساء.. حلو ؟؟ حلو يا بو خالد.. لااااا.. لااااااااااا.. مش حلو أبدا.. لييييييييييييييييييييش ؟ قال: تأجلت إلى الساعة العاشرة وعشرين دقيقة دون اعتذار أو توضيح للأسباب، ثم تأجلت إلى الساعة الحادية عشرة، أيضا دون توضيح أو اعتذار.. الساعة الحادية عشرة والنصف تم استدعاء الركاب للصعود من بوابة رقم 32، لكن الساعة أشارت إلى الثانية عشرة والنصف وهم محشورون في الطائرة.. تم إنزالهم من الطائرة .. لماذا؟؟ الله أعلم.. تم توجيه الركاب للذهاب إلى بوابة 37 لتغيير الطائرة .. حلو؟؟ لا مش حلو.. لأنهم صعدوا الطائرة وانتظروا لمدة نصف ساعة .. لماذا؟؟ لأن أحد المضيفين مصاب بوعكة يا عيني والطائرة ستتأخر لحين توفر أخبار عن الحل.. وعندما لم تتوفر الأخبار عن مضيفنا شافاه الله من وعكته تم تبليغ المسافرين في تمام الساعة الواحدة والتاسعة والأربعين دقيقة صباحا بالرجوع مرة أخرى إلى بوابة 37 التي صعدوا إلى الطائرة منها.. أموت في الدقة، لأني قلت لكم إنني أكتب المقال في الساعة الواحدة وخمسين دقيقة والركاب عادوا إلى البوابة الساعة الواحدة وتسع وأربعين دقيقة.. الدقيقة تفرق عندي لكن الليلة واليوم لا تفرق عند الخطوط الجوية.. يبدو أن أخي وحبيبي الدكتور محمد الحازمي بلغ به الغثيان أشده، فأرسل في آخر ثانية رسالة يؤكد فيها أنه سيقفل جواله، ربما كدليل على أنه لا يتوقع أن تقلع الطائرة أبدا، وبالتالي لا ضرورة لبعثرة ساعات الليل على أمل لن يتحقق.. بالمناسبة.. الرحلة متوجهة من الرياض إلى جيزان.. والمعلومات تفيد أن الخطوط الجوية قد استقطعت من رحلات جيزان ذهابا وإيابا لصالح محطات أخرى لكي يسافر منها ركاب الوناسة خلال هذا الصيف، بينما المرضى ورجال الأعمال وأصحاب المراجعات والزائرون الذين يحتاجون للذهاب إلى جيزان بصورة يومية لا يجدون مقعدا، بل لا يجدون طائرة.. صباح الخير يا خطوطنا الجوية.. ولا بأس على المضيف...... [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة