رغم تحسن الوضع المالي للطلبة المبتعثين مقارنة بسنوات ماضية، إلا أنهم ما زالوا يعانون الكثير من المتاعب المالية، خصوصا من يجمع منهم بين الدراسة وإعالة أطفاله المرافقين له في الغربة، لا سيما إن لم يكن له دخل مالي سوى مكافأة الابتعاث، ولا يستطيع العمل خارج ساعات الدراسة لأسباب ومبررات مختلفة، وإضافة إلى متطلبات الحياة المكلفة والكثيرة في حالة وجود الأطفال، فهناك قوانين في بعض البلدان ملزمة للجميع لا بد من مراعاتها، مثل تأمين السيارة، وتأمين المسكن الذي يجب أن يناسب حجم العائلة، وبطبيعة الحال، كلما زاد أفراد العائلة كبر حجم المسكن وحجم السيارة، وهذا ما يعني زيادة الأعباء المالية على المبتعث، هذا إلى جانب ما إذا اختارت الزوجة أن تلتحق بالدراسة ضمن برنامج الابتعاث كي تنتفع علميا وتنفع زوجها ماديا بزيادة المكافأة، فسيواجهان مشكلة الحضانة لأطفالهما، حيث إن دور الحضانة في الولاياتالمتحدةالأمريكية تكلف ما معدله 550 دولارا للطفل الواحد كل أسبوعين وفقا لمستوى الحضانة والمدينة، وليس الحال بأفضل من ذلك في الدول الأوروبية، وهذا السعر يعتبر منخفضا مقارنة بحضانات أخرى ذات برامج تعليمية متطورة ورعاية تربوية متقدمة، وكيف سيكون حال من له أكثر من طفل، وهو حال معظم العائلات السعودية، والمشكلة الحقيقية أن ما توفره الملحقية الثقافية السعودية لا يعادل نصف هذا المبلغ للطفل الواحد شهريا. ومن هنا تظهر المشكلة التي يعاني منها أغلب المبتعثين السعوديين الذين يصعب عليهم الاستفادة من الخدمات التعليمية والتربوية لأطفالهم دون أن تتعرض حياتهم للتعب والمعاناة، الأمر الذي أدى ببعض المبتعثين إلى أخذ المعونات من الحكومة الأمريكية المخصصة لأبنائهم المولودين في أمريكا، حيث يتطلب هذا النظام أن يثبت الوالدان أن دخلهما الشهري والسنوي (في أمريكا وفي السعودية) محدود، وأنهما لا يستطيعان الإنفاق على أطفالهما الذين يستحقون دعم الضمان الاجتماعي الأمريكي. «عكاظ» التقت بعض الطلبة المبتعثين الذين تحدثوا عن معاناتهم فيما يخص تكاليف حضانة الأطفال، والطلبة المتزوجين من غير السعوديات اللاتي لا تشملهن المكافآت، حيث ذكر المبتعث من جامعة الملك عبد العزيز لتحضير درجة الماجستير المهندس رائد طاشكندي، أن تكاليف الحضانة في أمريكا تقدر ب 750 دولارا للطفل في الشهر الواحد في حين يبلغ مخصص الطفل 270 دولارا فقط، «وهو مبلغ لا يكفي حتى لتغطية احتياجات الطفل الأساسية». وأشار في حديثه إلى اجتماع مجلس الشورى، الذي أوصى أخيرا بأن تتكفل الملحقية الثقافية بدفع جميع الرسوم الخاصة بالحضانة لأطفال الطلبة المبتعثين، وذكر أن مجموعة من الطلبة المبتعثين بصدد كتابة برقية إلى خادم الحرمين الشريفين، تلتمس زيادة مخصص الأطفال المرافقين. فيما أوضح ل «عكاظ» المبتعث خالد عسيري (أب لطفلين) أن بعض المبتعثين اضطروا إلى إرجاع أطفالهم إلى السعودية ليتكفل بهم بعض الأقارب، وذكر أنها ظاهرة متزايدة في الآونة الأخيرة عند العديد من الأسر السعودية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأضاف المبتعث طلال الشهري أن معاناة الأسرة السعودية في أمريكا تزيد مع زيادة عدد أطفالها، «حيث يلزم قانون بعض الولايات رب الأسرة بتحديد عدد غرف البيت الملائمة لعدد أفراد الأسرة، فتلزم الأسرة المكونة من ثلاثة أشخاص بالسكن في بيت مكون من غرفتين كحد أدنى، والأسرة المكونة من خمسة أشخاص في بيت مكون من ثلاث غرف، مما يزيد العبء المالي على عاتق الأسرة بدفع إيجار أعلى مما توفره المكافأة، فما بالك بحضانة الأطفال. كما ذكر المبتعث سطام العبد الله أن الطالب في بداية كل فصل دراسي يمر بأزمة مادية، نظرا لتكاليف شراء الكتب والمراجع التي تبلغ قيمتها أكثر من ثلث المكافأة، بالإضافة لتكلفة المواصلات المرتفعة اعتمادا على سعر البنزين الذي يصل إلى 3.5 دولارات للجالون، وليس انتهاء بتكاليف الحضانة. وأضاف «أعرف مبتعثين متزوجين من زوجات غير سعوديات (خليجيات) ولديهم أطفال، ولا يحصلون على المكافأة المخصصة للمرافقين من قبل الملحقية، لا يستطيعون الذهاب بسياراتهم للجامعة آخر عشرة أيام من الشهر، لنفاد مكافآتهم»، مما ينعكس سلبا على تحصيلهم العلمي.