عزاء، وتحية إجلال، إلى الكبار الذين حاولوا كسر الحصار عن غزة الجريحة، بل كسروه، وإن كان الكسر طالهم بعض الشيء. إليهم في عالم يكتفي بإدانة الأوراق، وقرع الطاولات فحسب. ستظل محاولتكم هذه قيد التاريخ، ونظر الأجيال المقبلة، بكل إكبار وإعزاز. *** طالعتنا «عكاظ»، الأسبوع الماضي، بخبر الأعمى الذي حصل على أربع مخالفات مرورية، بما قيمته 2500 ريال، حصل عليها كفاجعة، أثناء إصدار جواز السفر الخاص به. وبرغم مدافعته ومرافعته، بخصوص عدم امتلاكه سيارة أصلا، وأن الإشارة المذكورة بالقطع، في مدينة لم يتسنّ له بعد دخولها، وإن كانت مكةالمكرمة. إلا أن «النظام .. نظام»،و «ادفع وبعدين راجع»، ولا بأس، فهنالك صديق عوقبت خادمته أيضاً، بغرامة قيادتها ل «شيول» في المنطقة الشرقية. وصديق آخر من جازان، كان نصيب مخالفته هذه المرة عكس طريق في عرعر، وهو لم يتعد حدود مدينته بعد. لن يكون الحديث هذا، عن كيفية حدوث هذا، ولا اشتهاره وانتشاره، في مجاهرة بالمخالفة في نظام المخالفة. وإنما سيكون مدخلا لأرقام أسبوع المرور العربي الماضي، وما كان متصدرا بكل شماتة، مطالع الصحف والشاشات، عن كون هذا البلد متقدما في وجب أن يتأخر فيه الآخرون، كونه أولا في حوادث المرور، لا على المستوى المحلي، العربي، النموي الثالثي، بل على مستوى الدول الأحط منه، والأرفع أيضاً. لا السكان لدينا بكثيرين. ولا السيارات رديئة. نركب من أفخر سيارات لندن وبرلين، إلى أردأ سيارات كوريا والصين. ومع ذلك، تجد لدينا من بشاعة الحوادث، ما ينعدم وجوده في بلدان لا تجد لديها وزارة تسمى وزارة المواصلات، مفرغة لهذا الشأن، ومتخصصة فيه. برغم كون بلدانهم تهطل أمطارها، ويركب ناسها السيارات والقطارات وحافلات النقل الجماعي التي لا تتفحم كثيرا. ما الذي يجري إذاً؟. الرقم كارثي. إن على مستوى الوفاة: نحن لدينا أكثر من 86 ألف وفاة في عشرين عاما؛ أي أكثر مما خسرته القضية الفلسطينية، التي كانت حديث مطلع هذا المقال في 62 عاما. وإن على مستوى الدمار، الجسدي البشريّ لدينا قريب من نصف مليون جريح جراء ذلك، برصد إدارة المرور نفسها، لا بتقول القائلين عليها. ببساطة الرقم: هنالك 5000 قتيل سنويا، وحادث كل 20 ثانية، ومليارات الريالات من الخسائر في ممتلكات الحق العام والخاص. والذين غضبوا، أو حرموا، أو حتى حللوا مشروعية مضاعفة أكثر من 3 ملايين مخالفة مرورية داخل مدينة الرياض وحدها، لعام واحد، عليهم أن يدركوا أن الحوادث أيضاً تتضاعف، وأن 30000 جريح سنوياً، تنتهي 2000 حالة منهم بإعاقة دائمة. وأن جسراً يسقط بسبب زخة مطر، لعبة. وأن طريقا تغيره سحابة عابرة، هو مقبرة غير عابرة. وعلى الذين يريدون قروضاً، ليسددوا ديون مخالفاتهم المترابية، أن يقترضوا أيضاً، ليسهموا في تعبيد الطرق المؤدية إلى ديونهم، والحفر والبثور التي تملأ شوارع أجمل المدن لدينا، وأحسنها، وأكثرها حداثة. الأرقام الفلكية المختصة بالمرور، ترتبط بأكثر من أمر: بعدد المخالفات المكتوبة، وأكثر منها، عدد المخالفات المرتكبة غير المكتوبة. مرة أخرى، هل تظل المخالفة هي أسلوب الدواء الذي نمتلك إزاء مشروع ناسف للأرواح، وقاتل للأفراح. اسألوا طريق الجنوب وسيخبركم حكاية الأفراح هذه خصوصاً. طبعا: لا تسألوا طريق السليل. يكفيكم الجواب الدكتور علي الموسى، في رائعته السبت الماضي. أيضاً، ما كتب الكاتب الرائع، الدكتور محمد الهرفي، حول قضية نقاط التفتيش، المتخصصة أحياناً في تعطيل الغادين والرائحين، بغير ما سبب يذكر أحياناً، إلا الفضول. يجب أن يكون ذلك مقنناً. متى يتم إيقاف أحد، ومتى لا يمكن ذلك. خصوصاً، حين تكون النقاط على أبواب المطارات، وانتظارات المسافرين، ووشك الاختبارات وقلق الممتحنين. وكل أسبوع مرور وأنتم بخير. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 252 مسافة ثم الرسالة