وجوه كادحة تعمل تحت الشمس في حراج الخردة في المدينةالمنورة حتى رسمت على جباههم تجاعيد لا يمحوها الزمن، قضوا من أعمارهم 25 عاما وهم يترددون على الحراج، في داخله ينفسون عن مشاكلهم وفي داخله يلتقون ببعضهم، وفي داخله يتبادلون أحلامهم وأحزانهم. «عكاظ» تجولت في الحراج والتقت عددا من العاملين فيه، ورصدت بعض المشاهد الحية وكانت البداية: مثقف حراجي أبو عنتر حسين (أحد البائعين) يعمل في سوق الحمام صباحا، وقبل صلاة العصر يتوجه إلى حراج الخردة لبيع وشراء الأجهزة الكهربائية باعتباره كما يزعم «مثقف حراجي». ويشير أبو عنتر الذي أطلق عليه هذا اللقب لشبهه الشديد بالممثل السوري المعروف «أبو عنتر» سواء من ناحية تجاعيد الوجه أو من ناحية الشارب إلى أن «مثقف حراجي» يطلق على الشخص الذي يبيع ويشتري في الأجهزة الكهربائية ويبتعد عن البيع أو الشراء في الخردوات، باعتبارها متعبة في التحميل والتنزيل مع أن الخردة كما يقول تتميز بمكاسب كبيرة لكنها تحتاج لعمالة مساعدة. شيخ السوق وغير بعيد منه يجلس العم إبراهيم مكي الذي قدم من مكة منذ فترة طويلة ويعمل في الخردوات، وقد اتخذ من الحراج مسكنا له يمارس فيه أعماله اليومية، يبيع ويشتري وفق ضوابط وأحكام السوق ويمنح الزبون ما يريد وبالسعر الذي يريد. يصف مكي السوق بأنه يتمتع بهدوء كبير وذلك لوجود شيخ السوق حمود العوفي الذي يحتكمون إليه في حل مشاكلهم ويكفيهم مؤونه التحاكم إلى الجهات الحكومية ويرضون بما يقضي بينهم، بل إنهم لا يلجأون إلى الشرطة إلا إذا كانت هناك سرقات تستوجب تدخلها، مؤكدا أنهم لا يشترون أية قطعة إلا إذا كانت أوراقها سليمة وفي حضور كاتب خاص بشيخ السوق، وإذا وجدنا أن هناك من يعمل بدون أوراق أو يتحايل فإننا نسلمه للشيخ الذي يسلمه بدوره لرجال الأمن المنتشرين في السوق. السيطرة على السوق ومن جانبه، عيد الأحمدي الذي يعمل مساعدا للشيخ يقول إن دوره يتمثل في السيطرة على مشاكل السوق ومنع حدوث أية مشكلة والقبض على كل من يبيع أشياء بدون رخصة، لافتا إلى وجود عمالة وافدة تعمل في السوق وقد قبض على بعضهم بدون إقامات وجرى تسليمهم للجوازات. وعن أبرز المشاكل التي تواجههم في الحراج يقول علي القرافي (أحد الباعة): العمالة الأجنبية تبيع وتشتري دون أدنى رقابة والمفترض أن تفرض البلدية غرامات على أي صاحب بسطة في الحراج يعتدي على الطريق العام.