تعود بداية معرفتي بالمربي الفاضل والإداري القدير والمسؤول الناجح أستاذ الجيل عبدالرحمن بن صالح التونسي يرحمه الله إلى صيف عام 1378ه.. في ذلك العام انتظمت مجموعة مختارة واعية من المعلمين الشباب من مختلف مناطق ومحافظات المملكة حضروا وتجمعوا في مدينة الطائف المصيف الرائع المأنوس للالتحاق بالدورة التدريبية الصيفية التي تقيمها وزارة المعارف كل عام لتأهيل من يتم اختيارهم وترشيحهم للانتظام في هذه الدورة ليقوموا بعد ذلك بالتدريب الرياضي البدني في المدارس الحكومية إبان أوج ازدهار التربية البدنية بمختلف المراحل التعليمية، وكنت أحد المرشحين للانتظام في هذه الدورة التي يلزم نظامها الحضور والالتحاق بها لمدة ثلاثة أعوام متتالية في العطلة الصيفية، يمنح بعدها الملتحق/ المعلم دبلوم التربية الرياضية وكان طيلة التحاقي بها يدير شؤونها بكل مسؤولية واقتدار هذا المربي الإنسان وكان وقتها يعمل مديرا عاما لرعاية الشباب في وزارة المعارف في عهد وزيرين رفعا راية التنوير والتطوير في تلك الحقبة هما أول وزير لها الملك فهد ومن ثم حسن آل الشيخ رحمهما الله. كانت هذه الدورات الرياضية الصيفية في الطائف تلقى العناية والمتابعة والدعم السخي من قبل كبار المسؤولين في الوزارة وفي مقدمتهم الملك فهد رحمه الله. لقد كان الأستاذ التونسي رجلا مثاليا في عمله ديناميكيا في أسلوبه يطبع سلوكه التواضع الجم والتجاوب المثمر.. وكنا طلاب الدورة وكأن المشهد أمامي الآن نتحلق حوله في نقاشات هادفة وحوارات بناءة. شباب في مقتبل العمر وفي ذروة الحماس من جميع أنحاء المملكة من حائل والقصيم والهفوف والمدينةالمنورة ومن عسير وجازان ومن الجوف ووادي الدواسر والطائف وغيرها فتجمعنا تلك المحبة الحميمية الصادقة الخالصة في إطار الرابطة الوطنية والتلاحم الأخوي وكان يرحمه الله دائما في المقدمة يشارك ويبارك في تعميق واجبات الزمالة والتعارف بين أبناء الوطن الواحد، يضع الجميع في ميزان واحد لا يعرف شيئا اسمه المحاباة في علاقاته ولا تعرف الأنانية أو الإقليمية الضيقة إلى نفسه سبيلا... يساعده ويسانده في مهام عمله كوكبة مختارة من العاملين في الوزارة وبعض المناطق التعليمية يتم ترشيحهم من قبل الوزارة أذكر منهم على سبيل المثال الأساتذة: عباس حداوي، سرحان صالح العتيبي، عبدالعزيز فطاني، سعيد بوقري، حسن سلطان، وكان معظم الذين يقومون بمهام التدريب الرياضي والتدريس في هذه الدورات من الإخوة المصريين المؤهلين من الرعيل الأول الذين يصعب تعويضهم لما يتحلون به من إخلاص ومثابرة وجهد مبدع نابعة دوافعه من القلب. عبدالرحمن التونسي ينتمي إلى أسرة عريقة من المدينةالمنورة، عرفت بالأصالة، والوفاء وطلب العلم من المدينةالمنورة ومن مواليدها ومن صفوة شبابها، ظل في وزارة المعارف طيلة سنين خدمته منذ تخرجه من جامعة القاهرة، وكانت تربطه بالشيخ حسن زمالة عمل وأخوة صادقة سادها المحبة ولحمتها الوفاء والإخلاص، ظلت هذه الصداقة تزداد مع الأيام قوة ومتانة طيلة حياتهما يرحمهما الله.. ومن عجائب قدرة الله أنهما توفيا في أسبوع واحد كان الشيخ حسن قد كتب مقالا نشر في إحدى الصحف المحلية يرثي رفيق دربه الأستاذ التونسي، ومن الغد سلم الأول روحه إلى بارئها ومداد القلم لم يجف بعد ولحق برفيقه إلى دار البقاء بإذنه تعالى. عبدالله الصالح الرشيد كاتب ومدير تعليم