تذكرون الحرب الضروس التي قامت منذ مدة على أطباء الامتياز حين تم خسف رواتبهم من عشرة آلاف إلى ستة آلاف.. في تلك الفترة قلت إننا مؤسسات طاردة للكفاءات وأن هذه الممارسات غير المسؤولة تولد نفورا لدى الكفاءات المؤهلة وتدفعها للبحث عن منافذ أخرى تقدر إمكانياتها. وتذكرون أيضا إشاعة تسرب بعض الأطباء إلى خارج البلد لمزاولة مهنة الطب هناك، وأكيد أنكم سمعتم أن طلابنا المبتعثين لدراسة الطب بعد تخرجهم يمكثون في نفس البلدان التي درسوا فيها من أجل مزاولة مهنتهم هناك لوجود تقدير لهذه الكفاءات والترحيب بها لأن تعمل وفق الخاطر، يعني (أنت تأمر واحنا نجهز). وأيضا سمعنا عن تسرب الأطباء من العمل في المستشفيات الحكومية وانتقالهم إلى المستشفيات الخاصة بعروض مجزية تحترم قدراتهم وعبقريتهم.. وفي نفس الوقت سمعنا عما يجده الأطباء السعوديون داخل الوزارة من عدم تقدير لقدراتهم.. كنا نسمع ونرى كيف تسير عجلة المهن الراقية، وأن دفعها لا يتم بالطريقة الملائمة للمحافظة على هذه الثروة البشرية، ولازلنا نسمع كيف تتم معاملة المهندسين والمحامين والطيارين، ولازلنا نسمع عن تسرب هذه الثروة من القطاعات الحكومية إلى جهات مختلفة، هذا السمع لم يثقب أذاننا ولم تهتز له أبداننا وكأن الأمر لا يعنينا.. وبالأمس نبهتنا وزارة الصحة لهذا الخطر حيث أعلنت أنها تواجه تزايد أعداد استقالات الأطباء والكوادر الصحية الفنية من العمل في المستشفيات الحكومية والاتجاه إلى قطاعات أخرى فالإحصائيات الرسمية تقول: وجه وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة مديري الشؤون الصحية في المناطق بتحري ورصد أسباب استقالة الأطباء والكوادر الفنية، إضافة إلى العمل على إقناع المستقيلين بالعدول عنها في لقاءات ونقاشات مباشرة معهم. إن العام الماضي سجل استقالة 119 طبيبا سعوديا انتقلوا لاحقا للعمل في قطاعات صحية أخرى. وإذا كانت هذه الأعداد طفشت من وزارة الصحة وبصورة علانية بحثا عن الاهتمام والتميز ومع عدم ذكر وزارة الصحة للأسباب التي أدت لمثل هذا التسرب إلا أن الأمر لا يخلو من عدم التقدير لهذه الكفاءات والتعامل معها كثروة يجب إنماؤها والمحافظة عليها. وهذا هو مربط الفرس فهناك إهمال في أغلب الجهات للمهن العليا والتعامل معها تعاملا عشوائيا مما يدفعها للبحث عن جهات أخرى تقدر وتثمن هذه القدرات. وهذا يؤدي إلى تفريغ الوظائف الحكومية من الكفاءات العالية وتسربها إلى جهات أخرى وربما يكشف لنا هذا تباطؤ الإنجازات داخل المرافق الحكومية كونها تعمل على قتل النوابغ، إما بالإهمال أو عدم إعطائها تثمينا يليق بمقدرتها. وكل المنى أن لا يتعدى هذا التسرب الحدود حيث باتت كثير من الكفاءات الوطنية تبحث لها عن منفذ في أي مكان يقدر الكفاءة والمهن النادرة .. ومن يعيش رجب يشوف العجب. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة