اجتاحت الأسواق المالية حول العالم موجة انخفاضات جاءت بصورة واضحة جراء اقتفاء بعضها البعض، وكانت تلك الانخفاضات نفسية أكثر منها اقتصادية أو تتعلق بمشكلات قوية ظاهرة من شأنها أن تحدث تلك الهزات. وشهدت سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع الماضي إحدى أسوأ جلساتها على الإطلاق خلال أكثر من سنتين إذ انخفضت السوق يوم الثلاثاء الماضي بنسبة قاربت 7 في المائة، لتكون الأكثر انخفاضا من بين الأسواق الإقليمية أو حتى العالمية. وكان سهم سابك الأكثر تأثرا وانخفاضا حيث أقفل منخفضا بالنسبة القصوى له ما حفز الكثير من أسهم قطاع البتروكيماويات على أن تحذو حذو السهم وسط مخاوف من تناقص الطلب على النفط والمنتجات البتروكيماوية في ظل الأزمة اليونانية والشكوك حول مصير دول أخرى مؤثرة في الاقتصاد الأوروبي مثل إيطاليا وأسبانيا والبرتغال وأيرلندا. كذلك طرأت مشكلة سياسية خطيرة بين الكوريتين تصاعدت فيها لهجة الدولتين بين بعضهما البعض بشكل أكثر عدائية من خلال إطلاق تصريحات وتهديدات زرعت الهلع والذعر في الأسواق المالية العالمية. هذه الأوضاع كلها تجاهلت بشكل واضح البيانات والأخبار الإيجابية التي تاهت وسط معمعة هذه الأخبار السيئة، وسيطرة نزعة الخوف على النظرة المتعقلة انعكست آثارها في البيع المكثف وزيادة العروض دون النظر إلى إمكانية هدوء الأوضاع وعودتها إلى ما كانت عليه. كما كان لانهيار اليورو بشكل حاد أمام الدولار وتصاعد سعر الذهب وارتفاع الدولار أثر مباشر في انخفاض أسعار النفط حتى وصل إلى سعر 64 دولارا. لكن ظهور بيانات قوية في أواخر الأسبوع في الولاياتالمتحدة وأوروبا، أعاد شيئا من التفاؤل وتهدئة المخاوف، إذ أظهرت بيانات أمريكية عدة منها نمو الناتج المحلي الإجمالي حسب الإحصاء الشهري بزيادة قدرها 3.3 في المائة مقارنة 3.2 في المائة الشهر الماضي، إضافة إلى نمو الطلب على المنازل الجديدة وكذلك نمو الطلب على السلع المعمرة مثل السيارات والآلات بنسبة 2.9 في المائة بشكل فاق التوقعات التي توقعت زيادة هذا العامل الاقتصادي المهم بنسبة 1.4 في المائة، ومثل هذا الوضع يعطي استنتاجات من شأنها تحفيز الطلب على منتجات صناعية أخرى تكميلية مثل البتروكيماويات وغيرها ما يعيد الثقة مرة أخرى بالشركات. وصعدت بالفعل أسعار النفط وقت كتابة هذا التقرير في أسواق أوروبا إلى 73 دولارا من 70.5 في الأسواق الآسيوية، إضافة إلى عودة الارتفاعات القوية للبورصات الآسيوية والأوروبية حيث أقفل مؤشر نيكاي الياباني عند مستوى 117 نقطة. كما تداولت قبيل إغلاقها بعض الأسواق الأوروبية بصعود قوي تمثل في بورصة فرانكفورت التي ارتفعت 133 نقطة بنسبة ارتفاع 2.3 في المائة، فيما ارتفع مؤشر فوتسي البريطاني أيضا بشكل قوي وإيجابي بسبب ظهور بيانات بنمو الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا عاكسا التوقعات المتشائمة، وارتفعت البورصة البريطانية بنسبة 2 في المائة ب 105 نقاط وكان عند مستوى 5143 نقطة. هذه الأوضاع من شأنها تهدئة أوضاع التشاؤم التي اجتاحت سوق الأسهم السعودية بشكل حاد خلال الأسابيع الماضية ودخلت بالفعل في موجة تصحيح هوت بها من مستويات 6943، وكسرت بها نقاط دعم عدة وسط موجة هبوط عاتية شطبت فيها مكاسب حققتها خلال سنة تقريبا. وهذا الوضع من شأنه أن ينتج عنه تبعات منها استعادة الثقة والهدوء ما يعني المسار الأفقي الممل والذي سيسيطر فترة من الزمن على المتداولين في تدولاتهم والتي سيغلب عليها طابع الحذر الشديد، ولذا فان المؤشر إذا استطاع الحفاظ على 5747 نقطة كدعم مرحلي يصعد به لاختراق نقطة مقاومة 5907 كمقاومة أولى تليها مقاومة 5997 نقطة، وهي ستظل مقاومة لا يستهان بها، قبل أن يصل إلى مقاومة 6075 نقطة. لذا فإن الإقفال على الأقل وبإيجابية فوق نقطة 5980 من شأنه أن يعيد الإيجابية بشكل نسبي. أما الاقفال الأسبوع المقبل فوق نقطة 6075 أو بالقرب منها فهذا سيكون ذا إيجابية أفضل. وعلى الجانب الآخر إذا كسرت نقطة 5747 فإن المؤشر قد يستهدف دعما عند نقطة 5664 أو 5550 نقطة.