اعتبر اختصاصيو مكتبات ومثقفون مشروع تحويل مكتبة الملك فهد العامة في جدة إلى فرع للمكتبة الوطنية قرارا صائبا بعد تعثر افتتاحها منذ أكثر من 6 سنوات. وأبرز عبر «عكاظ» كل من عضو مجلس الشورى المستشار السابق في وزارة الثقافة والإعلام الدكتور جبريل العريشي، والدكتور عبدالله دحلان، والدكتورة سوسن طه ضليمي، حاجة جدة إلى مكتبة تلبي احتياجات القراء والباحثين وتواكب النظرة نحو العالم الأول. «عكاظ» التي زارت المكتبة، اطلعت على جوانب من التجهيزات والمحتويات المقدرة كلفتها بنحو 15 مليون ريال وقد اعتلتها الأتربة والغبار، وذلك في مقرها في حي المطار القديم في وسط المحافظة، حيث اختير هذا المكان قبل عشرين عاما ليكون سهل الوصول من جميع أحياء جدة، عند بدء التفكير في إنشاء المكتبة، وعندما طالب آنذاك عدد من المثقفين والكتاب في جدة بإنشاء مكتبة عامة لتوفير رصيد معلوماتي ثقافي لأهالي المحافظة، وتمشيا مع هذه المطالبة دعت الغرفة التجارية في جدة إلى ندوة عام 1410ه لمناقشة الخطوات العملية لإنشاء المكتبة المقترحة، لكن هذه الخطوات بقيت حبرا على الورق حتى عام 1416ه عند وضع حجر الأساس للمكتبة بعد تبرع الملك فهد بن عبدالعزيز، ليتوقف المشروع بعد ذلك، منذ عام 1424ه وحتى الآن. لجنة وتوصيات الدكتور جبريل العريشي الذي أسند له ملف المكتبة بعد تعيينه مستشارا في وزارة الثقافة والإعلام يعلق على الموضوع قائلا: «قبل أكثر من عام شكلت لجنة من وزارة الثقافة والإعلام، الغرفة التجارية، جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبدالعزيز، ووقفت اللجنة على مشروع المكتبة، واقترحت عددا من التوصيات، لكن العقبة التي واجهت اللجنة أنه من يتبنى تلك التوصيات؟ فاللجنة عندما ناقشت الموضوع واجهت اعتراضا من جامعة الملك عبدالعزيز لكونها تعتبر الأرض التي أقيم عليها مشروع المكتبة جزءا من ممتلكاتها». ورأى العريشي الذي اقترح تحويل المكتبة إلى فرع لمكتبة الملك فهد الوطنية، أن المكتبة بنيت بطريقة ممتازة، ولا تعاني من أي أخطاء هندسية، وفي حال اكتمالها ستخدم مدينة جدة، مشيرا إلى أن الحل بإسناد المكتبة إلى مكتبة الملك فهد الوطنية. نظام إلكتروني الدكتور عبدالله دحلان (رجل الأعمال ورئيس مجلس الأمناء في كلية إدارة الأعمال في ذهبان) اتفق مع العريشي على ضم تبعية المكتبة للمكتبة الوطنية، وقال: «يجب أن تضم للمكتبة الوطنية، لأنها تحتوي على نظام إلكتروني متطور، سيساعد في إدارة هذه المكتبة»، وأضاف «مكتبة الملك فهد تملك إمكانيات مادية كافية لتطويرها فجدة بحاجة إلى مكتبة إلكترونية تزود ذخيرتنا المعلوماتية بطريقة حديثة تواكب التطور والنظرة نحو العالم الأول». ولفت دحلان إلى أن مشروع المكتبة دعمه صاحب السمو الملكي الأمير ماجد حتى تحقق له الدعم المالي من لدن الملك فهد بن عبدالعزيز. عناية المجتمع الدكتورة سوسن طه ضليمي (الأستاذة المساعدة في قسم علم المعلومات في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة) رأت أن المشكلة تعود بشكل أساسي لعدم عناية المجتمع بما يغذي العقول من ثقافة ومعلومات، والتركيز فقط على المنتجات الاستهلاكية التي تؤمن ربحية القطاع الخاص، وتاليا انعكس ذلك على سلوكيات القطاع العام، ودفعه لعدم العناية بالمكتبات العامة. وقالت ضليمي: «إن النزعة الاستهلاكية في مجتمعاتنا لها دور أساسي في توقف مشروع المكتبة»، مضيفة «لو كانت هنالك مؤسسات داعمة وجمهور لحفز افتتاح المكتبة بشكل أو بآخر». ولفتت إلى أن الحل هو الأخذ بالتوصيات وإسناد المكتبة للمكتبة الوطنية، مشددة على أهمية الصيانة بعد افتتاحها واستيعابها لخريجات وخريجي أقسام علم المعلومات في جامعات المملكة الذين صقلت مهاراتهم التعليمية ببرامج دراسية متخصصة، كان بالإمكان استغلال طاقاتهم في مجالات مختلفة في مؤسسات المعلومات، إلا أن عدم وجود مكتبات يقلص من درجة الطلب على خريجات وخريجي القسم.