بين مخططات الأحياء الجديدة على الورق وتنفيذها على أرض الواقع مسافة شاسعة تسكن فيها أكثر حالات التلاعب والاحتيال انتشارا، ذلك أنك لا تكاد تجد مخططا لا يترك مساحة لحدائق تتوسط الأحياء تكون بمثابة الرئة التي يتنفس من خلالها الحي، ولأن أصحاب تلك المخططات لا يستهدفون تأسيس حي نموذجي أو صحي فإن تلك المساحات المتروكة لإقامة الحدائق لا تلبث أن تختفي وتتم إعادة توزيعها لتصبح قطعا للبيع أو مراكز تجارية وكأنما لم يكن لوجودها على الورق من سبب سوى الضحك مرتين، مرة على البلديات وأمانات المدن لكي تمنح ذلك المخطط تصريحا بالبيع، ومرة على المواطنين الذين يغريهم وجود الحدائق بالشراء والقبول بالسعر المضاعف للقطع التي تحيط بتلك الأرض التي كان من المقرر أن تصبح حديقة. سكان حي النزهة في جدة مثلهم مثل بقية الأحياء وقعوا في فخ الحدائق الوهمية، ناموا على حلم الأرض التي تكون متنفسا لمنازلهم وملعبا لأطفالهم واستيقظوا على واقع مغاير حين رأوا أن تلك الحديقة التي كانوا يحلمون أن تحظى بعناية الأمانة قد بدأت تتحول لمركز تجاري، ولم يجدوا غير الأمانة كي يستجيروا بها مما حل بهم، غير أنهم كانوا كمن يستجير من الرمضاء بالنار. مدير الحدائق والتشجير الذي كانوا يتوقعون أنه سيهب غاضبا مدافعا عن الحدائق ومناضلا دون الأشجار نفض يديه وقال لهم بما يشبه التواطؤ مع صاحب المخطط: «موقع الحديقة يعود إلى صاحب المخطط الأساس قبل بيعه على سكان الحي»، وأضاف لا فض فوه: «من حق صاحب المخطط أن يحول جزءا من الحديقة إلى محال تجارية». ولست أعرف من أين يأتي الحق لمالك نخطط سوقه على الناس بحدائق وهمية وأكاد لا أعرف على أي نظام يستند مدير الحدائق في إعطاء مالك المخطط حق الاحتيال على سكان الحي بحدائق وهمية يسوق بها بيع مخططه، غير أني أعرف أن في الجو رائحة تواطؤ لا يمكن أن يكون التسامح والتساهل هو مبرره الوحيد. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة