تعودنا من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكةالمكرمة أن يلامس جرحنا بتصريحاته الفكرية النابضة بحب الوطن والحرص عليه، وتعودنا منه أن يضع الأمور في إطارها الواقعي بحصافة الرجل المجرب، وأستشهد هنا بتصريح نسبته له صحيفة عكاظ في يوم الخميس(6 مايو 2010م) أثناء مراسم توقيع مذكرتي تعاون بين جامعتي الملك عبد العزيز والإمام محمد بن سعود الإسلامية وقوله في سياق الحديث عن الفكر الوطني إن «أصوات التطرف مرتفعة سواء كان التطرف من اليمين أو من اليسار، والاعتدال للأسف الشديد ليس له صوت عال كما هو صوت التطرف» مردفا في سياق التصريح إلى وجوب ترسيخ ثقافة الاعتدال، ومحملا الأكاديميين هذه المسؤولية. أثلج صدري هذا التصريح البسيط الذي لامس جرحا غائرا في ذاتي بصفتي ذلك المواطن البسيط «الضائع بالطوشة» وأحمد الله أن هناك من يعي بين طرفي النقيض أن نخبنا «ضيعت الطاسة» وضيعت معها هموم المجتمع، وانشغلت بصراعها. الجرح الوطني الذي لمسته يا سمو الأمير أكثر ما يكون في الأوساط الأكاديمية التي لا يبلغ تعداد منسوبيها عشرة في المائة من نخبة الفكر من الأكادميين، وغيرهم، فهم يشدون حبلا متوترا من طرفيه، ومن خلاله، يوترون أتباعهم من المجتمع بأفكار لا تتعلق بالمعيشة أو بتنمية الفرد لذاته، أو بإصلاح نفسه، بل بأمور تشغله عن معيشته، وأوهام نظرية حول الفكر الأممي، والعلماني، والإسلامي المزعوم في السياسة النظرية، أو الفكر المتشدد في المثاليات، بينما أفراد هذا المجتمع المغلوب على أمره، والمجرور لسلوك طرفي النقيض، بالحث، و«التبغيض» من قبل فئة الفكر والتسيس «المصلحجي» يصنع بيئة للتطرف الفكري، تلهي الناس عن عيشهم، وحياتهم بزعم (إصلاح اجتماعي) مفترض نظريا لا يجد قواعد أساسية يقف عليها مثل حل متابعة مكامن الفساد، والمشكلات المعيشية اليومية للناس (وهي عمود سياسة ملكنا المحبوب عبد الله بن عبد العزيز). مجتمعنا النامي المتحول، لديه كثير من المشكلات التي غيب عنها الوعي لحساب أي من اتجاهات الفكر المتضاد، وفي هذه البيئة يضيع الفكر التوعوي الواقعي حول الحياة، ومستلزماتها، وكيفية بناء الإنسان لنفسه، والبعد عن التواكل الذي يجعل المجتمع أو الحكومة، أو العائلة، والقبيلة مسؤولين عن إصلاح الفرد بدلا من أن توكل مهمة إصلاح الفرد لنفسه بتحمله مهام إصلاح محيطه الاجتماعي بدء بالأسرة، والقيام عليها بتلمس طرق إصلاح الذات من إحساس بالمسؤولية بدلا من رميها على الآخرين المفسدين في نظره. إن ما ينشر من صراع الفرقاء المؤدلجين ليشغل المجتمع بقول فلان، أو قول علان، وترميز وجوه الإعاقة الفكرية، وتغييب العقل لحساب العاطفة، وتبني حوارات الإثارة الخالية من المضمون هو سلوك النسبة العظمى من مجتمع النخبة السعودية اليوم بكل أسف. النخب التي لا تزيد نسبتها عن (10 %) أو أقل تتحدث لنفسها، وجماهيرها بخطاب نظري وفيما تتقاذفه فيما بينها، أحيانا باسم الدين، وأحيانا باسم السياسة، وأحيانا في التهاجي الذي يفوق ما كان في ساحة المربد بين جرير والفرزدق، تدير هذا الحوار المفلس بينها، متناسية أن مهمة تنوير المجتمع لمصالح نفسه هي سمة النخب الواعية، وأن النخب الواعية هي أقل فئات الناس تكالبا على المناصب، والمصالح والمال، وهنا يضيع تفكير الفرد المعجب بين هذا وذاك، أو طرفي النقيض الذي أشار له سمو الأمير خالد الفيصل، أما مشكلات المجتمع فمنسية بشكل نهائي لأن النخب في واد آخر. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة