من المعلوم الثقافة والفكر يمثلان إحدى الركائز المهمة في حضارة الأمم والدول، بل إنهما تعتبران في طليعة هذه الثوابت، ولهذا تبدو العناية بهما من الضرورة بمكان.. ولن يكون لأي دولة من الدول أو حضارة من الحضارات صوتها المسموع ما لم يكن لها سمت تعرف به، ونهج تسير عليه متوافق مع المحيط الذي تنشأ فيه وتؤثر دون أن يكون ذلك مصحوبًا بأي نوع من أنواع النزاع والصراع غير المفيد.. والمشاهد أن الساحة السعودية قد شهدت تقلبات عديدة في مسألة الفكر والثقافة، ممّا أحدث شكلاً من الصراع داخليًّا، ولهذا كان لتضمين محور “منهج الاعتدال السعودي وأثره على حركة الفكر والثقافي في المملكة العربية السعودية” ضمن محاور مسابقة “كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي” من التوفيق الكبير، والذي فتح المجال أمام الباحثين للتنافس بتقديم ما يكشف عن جوهر هذا الموضوع برؤية ثاقبة.. غير أنه وقبل الاطلاع على ما ستنتجه البحوث تبرز سمة أسئلة مركزية تستبطن في جوفها استفسارًا عن ماهية الفكر أو الثقافة السعودية؛ فهل حقًّا استطاع الخطاب الفكري الثقافي السعودي أن يكوّن له سمات دالة عليه تعرّف به دون غيره من الأمم، وهل له تأثير في الساحة، وإلى أي مدى سيسهم كرسي الاعتدال جانبه الثقافي في تقريب المسافة بين الخطابين الديني والثقافي في المملكة من واقع ما يلحظ من “صراع” بينهما يبرز بين الفينة والأخرى.. ثمة رؤية حملتها سطور هذه القضية في ثنايا مشاركات بعض الأدباء والمفكرين.. حضور لافت ومشاركة مؤثرة ويؤكد حماد السالمي رئيس نادي الطائف الأدبي حضور المثقف والأديب السعودي، وبروز نهجه الفكري الواضح دون لبس، وتأثره وتأثيره في المحيط المحلي والعربي مبديًا حديثه بقوله: إن الأدباء والمفكرين السعوديين جزء لا يتجزأ من منظومة عربية شاملة، ولهم حضورهم الجيد في المشهد الفكري والثقافي العربي منذ عدة عقود، مدللاً على ذلك بقوله: الباحث في كبريات الدوريات التي صدرت في الوطن العربي يجد أقلامًا سعودية لها طرحها وفكرها الذي يميزها عن بقية الأقلام العربية الأخرى، خذ مثلاً مجلة الرسالة المصرية التي أسسها وأدارها في الفترة ما بين 1932م وحتى عام 1952م الأستاذ أحمد حسن الزيات، ففي هذه الفترة ساهم السعوديون بشكل مؤثر في صياغة فكر عربي تنويري مؤسس لما بعده، وقادته مجلة الرسالة المصرية، التي سميتها في كتابي (السعوديون في الرسالة)، جامعة العرب الأولى. هنا تجد أسماء لامعة لرواد من مثل: أحمد علي مكي، ومحمد عبدالله العمودي، وإبراهيم هاشم فلالي، وحسن عبدالله قرشي، وأحمد عبدالغفور عطّار، وعبدالله عبدالجبار، وحمد الجاسر، وأحمد محمد جمال، وعبدالقدوس الأنصاري، وعبدالعزيز الزمزمي، وعبدالمجيد شبكشي، ومحمد حسين زيدان، وغيرهم. ويضيف السالمي: بعد ذلك أصبح للسعوديين صحفهم ومطابعهم وقنواتهم الإعلامية، فبذلوا ما في وسعهم لدفع عجلة النهضة والتقدم في بلادهم وفي أرجاء الوطن العربي كله، إلى أن سادت ثقافة التطرف والتشدد في المجتمع، ولبست لبوس الدين، فانكفأ الأكفاء على ذواتهم، وخبت أصوات النيّرين، وعلت أصوات الظلاميين، وتقهقرت ثقافة التنوير، وتقدمت ثقافة التكفير والتفجير، حتى جاء يوم، تسأل أنت، وأسأل أنا، ويسأل غيرنا كثير: هل للفكر السعودي خاصية وبصمة ينفرد بها عن البقية..؟ أقول بكل صراحة: أراد البعض أن يكون لهذا المجتمع العربي المسلم فكر ًا مغايرًا، وثقافة مخالفة، وقد كان له ما أراد، حتى جاء عهد الإصلاح والتنوير في عهد الملك المصلح عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- فأعاد المياه إلى مجاريها، وعادت الثقافة السعودية تأخذ دورها في بلورة صورة إيجابية تميزها، وتبرز دورها في التنوير والتقدم والنهضة على مختلف المستويات. وينتقل السالمي بالحديث إلى كرسي الاعتدال مضيفًا: إن إنشاء كرسي الأمير خالد الفيصل البحثي في جامعة الملك عبدالعزيز تحت عنوان “تأصيل الوسطية والاعتدال في المجتمع السعودي”، هو لبنة جديدة وأساسية في جدار الاعتدال السعودي الذي بناه وجسده الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يوم أسس هذا الكيان، وهو منزلة بين منزلتين؛ منزلة التطرف الديني الذي يشد المجتمع نحو العزلة والإنكفاء على الذات ومعاداة العالم، ومنزلة التغريب الداعي إلى سلخ المجتمع من مبادئه وأخلاقياته ومثله العليا. فالاعتدال سنة إسلامية، والتوازن في الحياة، مطلوب ومرغب فيه، حتى تستقيم الحياة نفسها، وقيام هذا الكرسي البحثي، هو نتاج لما وصل إليه المجتمع حتى الحادي عشر من سبتمبر المشؤوم، الذي كشف عوارنا، وعرى سوءاتنا، واستعدى علينا أمم الأرض كافة.. فكرسي الأمير خالد الفيصل ترجمة جديدة لأفقه الواسع، وثقافته السمحة، وفكره التنويري، وعمله الدؤوب في الإدارة والثقافة، لترسيخ مبادئ الأخلاق في القول والعمل على كافة المستويات. وهو سيكون إضافة أكثر لتنوير وهو دعوة تأكيدية للوسطية والاعتدال. أفق شامل وعلى ذات نهج السالمي يؤكد الدكتور صالح الثبيتي أن هناك فكرًا سعوديًّا ممارس من قبل، وواكب النقلة الحضارية الفكرية، وأخذ بها، وكان منفتحًا، مستدركًا حديثه من ثمّ بقوله: ولكن لم يكن الداخل سامح له بحكم ضيق الأفق لدى العديد من الدعاة من قبل، فكان هناك تصدٍّ، وربما أثر ذلك في النظرة للفكر السعودي، فقد كان (البعض) يراه متغيرًا؛ بيد أن الحقيقة غير ذلك. لكن اليوم هناك الأفق الديني الشامل الكامل الذي يحمله دعاة اليوم، لهذا جلسات الحوار كانت تضم أطيافًا فكرية وثقافية مختلفة، والأندية الأدبية أخذت منحى آخر واستقطبت العديد من الأسماء التي كانت تحارب من قبل، وما ذلك إلاّ لأن عهد خادم الحرمين الشريفين ودعوته للحوار هي النبراس الذي أدى إلى هذا الانفتاح، وما دعا إليه الأمير خالد الفيصل من الاعتدال في المنهج السعودي هو تأكيد لمنهج الاعتدال الذي يأمرنا به ديننا، وسيكون هناك أثر كبير في التغيير والتطويير في الفكر السعودي، وسنظل نمارس حرية الفكر، فالفكر السعودي اليوم ممثّل في الخارج وهو نور يستضاء به، وأصبح تنويريًّا، وأصبح التيار الديني متقبلاً لما يحمله الفكر الآخر ويحاور دون أن يناور، إذا ليس هناك شك في أننا سنجني ثمارًا أكثر في هذا العهد الزاخر الفاخر بالفكر المنير والخطاب الديني المنير أكثر . سمات غائبة وعلى خلاف سابقيه ينفي الدكتور محمد آل زلفة أن يكون للفكر السعودي سمات دالة عليه ناهيك أن يكون لها أثر محلي أو عربي ويبرز ذلك في قوله: بكل أسف حتى الآن ليست هناك سمات محددة للفكر السعودي، ويجب ألا تكون للفكر السعودي سمات محددة؛ فهناك فكر وعطاء إنساني يتناول جميع القضايا، وأعتقد أن هناك إنتاجًا للفكر السعودي، ولكن فكر محدود وتقليدي طابعه إلى حدٍّ ما تقليدي، ومتى ما كان هناك فكر سعودي حتمًا سيكون له تأثير في محيطه، وأنا لا أرى أي تاثير في محيطه حاضرًا؛ بل وحتى في داخل بلاده؛ اللّهم إلاّ الخطاب التقليدي والذي هيمن على البلد من ثلاثة عقود وهو أقرب إلى الخطاب الديني، ولا زال المفكر السعودي يخشى أن يدخل في مغبة التفكير والعطاء الفكري خوفًا من التصدّي لمن هم في جاهزية دائمة لمحاربة كل من يعتقدون أنه فكر. ويمضي آل زلفة في نقده لواقع الفكر السعودي مضيفًا: وأعتقد أن الفكر السعودي على المستوى المحلي هو فكر تقليدي يدور في نفس الإطار، وأن هناك حركة ثقافية؛ ولكن ليس لها أي تاثير في محيطه. فالمواطن السعودي ما زال يتلقّى الفكر والثقافة من خارج البلاد من بلدان عربية مختلفة، فتجدنا أكبر دولة في الوسط العربي تشتري الكتب، ولكن للأسف من أقل الدول، بل أقل الشعوب إنتاجًا للفكر. وينتقل آل زلفة بالحديث إلى كرسي الاعتدال قائلاً: بالنسبة لكرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي والذي تم تدشينه مؤخّرًا بجامعة الملك عبدالعزيز، فهو المأمول لمفهوم التسامح، وهو التسامح مع أنفسنا ومع ديننا، ولابد أن نعيد قراءة مفهم النصوص؛ حيث أن في الفترة الأخيرة تم إنشاء العديد من الكراسي التي تخص هذا الشأن. موقف اختيار وذاتية رؤية الدكتوزر صالح زيّاد حول الاعتدال ضمّنها في سياق قوله: الاعتدال هو أن يكون الإنسان بمنأى عن التطرف سواء إلى جهة اليمين أم إلى جهة اليسار. وطبعًا لا يكون الإنسان معتدلاً دونما تصوّر ذهني لطرفي الموقف الذي يمثّله، ولا لإمكانية انجراره إلى أحدهما. وهذا يعني أن الاعتدال موقف اختيار وذاتية، بحيث ينبع من الشخص ولا يفرضه أحد عليه. وهذا يقودنا إلى أهمية الفردية، وما يتعلق بها من مقومات عقلانية اهتم الإسلام بها، وأكدت عليها آيات القرآن الكريم وسيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم. ما يسعى إليه الأمير خالد الفيصل من خلال اهتمامه بموقف الاعتدال يستحق التقدير والثناء، فالتطرف باسم الدين أنتج الخراب والدمار ولم يسلم من عدوانه الدّين نفسه الذي أصبحت أعمال المتطرفين تُنْسَب إليه فتستبدِل بصورته الإنسانية والعقلانية التي شهد لها ذات يوم غير المنتسبين إليه، صورة دموية وعبثية غاية في الوحشية وحز الرقاب والتنكيل بالآدميين! ويضيف زيّاد: ويزيدني اغتباطًا بما فعله سمو الأمير الوجهة العلمية الأكاديمية التي أردها لمشروعه، فهو كرسي جامعي يتوسل إلى تأصيل موقف الاعتدال، البحث والمنهجية ولغة المعرفة. وأتصور أن المعرفة والحرية الواعية هما سلاحنا في وجه التطرف. فلا تطرف يستضيء بنور العلم، ولا عنف مع الشعور بالحرية ووعيها. وأتمنى أن يهب الباحثون والمفكرون للترحيب بهذا المشروع والابتهاج به وإعلانه في الآفاق، فليس لنا وراء عنف الإرهاب ودموية خلاياه الضالة إلاّ الالتفاف حول هذا الموقف بما يشبه الصرخة المدوية التي توقظ الوعي وتؤسس له أسباب القناعة والثقة في المستقبل الآمن وفي العلاقات الوطيدة مع العالم وفي توالي مزيد من التفاعل مع العلم والتقدم والحضارة. ويختم زياد قائلاً: وربما يبدو طموحي بما يراد لهذا الكرسي مجاوزًا للمحلية وللمشكلة الظرفية التي نشأت بسبب حادثة أو أخرى. فحين يُقَيَّد هدف الكرسي بشيء من هذا أو ذاك فربما تبدو المجاوزة للظرف وتخطي المشكلة عامل مجاوزة لدور الكرسي ووظيفته، وأحسب أن هذا مناقض للتصور الذي قام الكرسي من أجله حين رفع فكرة الاعتدال وسلوكه إلى مرتبة الموقف أو المبدأ أو القيمة، وهذا يعني أنه لا يفي بغرض سرعان ما ينقضي أو تزول دواعيه. كلا، الاعتدال استراتيجية يجب منذ الآن أن نبني صرحها ونسقي شجرتها، والطريق طويل. موضوع الساعة ومن جانبه يعطي الدكتور يوسف بن عبدالعزيز التركي عميد البحث العلمي أمين اللجنة العلمية وعضو اللجنة المشرفة على كرسي الاعتدال صورة عامة لفكرة كرسي الاعتدال وتطورها بقوله: موضوع منهج الاعتدال السعودي الذي أطلقه سمو الأمير خالد الفيصل في لقاء الجماعة العام الماضي هو موضوع هام، وهو موضوع الساعة لأن الاعتدال لا يجب أن يكون فيه تطرف، وسمو الأمير طرح تصوره الواضح والصريح بالنسبة لمنهج الاعتدال وهذا المنهج سارت عليه الدولة منذ تأسيسها في عهد الملك عبدالعزيز -يرحمه الله-، وجاءت فكرة الكرسي كتأصيل للموضوع وتأكيد وبث لهذه الفكرة في المجتمع؛ لأن الناس بدأت تبحث عن اتجاهاتها في خضم التيارات المختلفة وينسون الأهداف الأوائل.. وجاءت فكرة الكرسي لتأصيل هذا المنهج سواء من الناحية الفكرية وهذا هو الأساس او من ناحية اقتصادية او تاريخية. ونحن في اللجنة العلمية نقوم بدور السعي على تأكيد هذا المفهوم واستكتاب كافة المتخصصين ذوي العقل سواء من داخل المملكة أو من خارجها ممن لهم رفض لهذا المسار أو ممن ساهموا أو لهم رؤيا في تصور الدولة لتطوير هذا المنهج. وأتمنى أن نخرج بمخرجات جيدة سواء من ناحية الندوات التي ستعقد تحت مظلة الكرسي أو سواء المؤتمر أو حتى من المطبوعات، ونأمل كما هو طموح سمو الأمير خالد أن هذا الجهد يساهم في عدة أهداف ومنها تنوير الأجيال الحديثة وتأكيد مسار الدولة السوي المعتدل. مزايا الكرسي ويرى الدكتور سعيد المالكي المشرف على الكرسي أن مهمة كرسي الاعتدال كبيرة على صعيد الدراسات البحثية والثقافية الإبداعية، وهو كرسي استراتيجي يهتم ويناقش ويبحث في قضايا وطنية مهمة كقضايا الإرهاب والتطرف والتغرير، وقضايا نشر الوعي وثقافة الاعتدال السعودي مشيرًا إلى مزايا هذا الكرسي في سياق قوله: من ميزات هذا الكرسي بأنه يهتم بجانبين الجانب الأول هو جانب التأهيل وهو البحث والدراسة، والجانب الثاني هو الجانب التثقيفي التوعوي الذي يقوم بتنصيف المجتمع وتوعيته.. مؤكدًا أنه سيكون هناك تركيز من قبل إدارة الكرسي على الناحية التثقيفية التوعوية من خلال سلسلة من الأفلام الوثائقية بجانب مسابقات تثقيفية توعوية تفاعلية سترى النور قريبًا بعد هذا التدشين. أطياف ثقافية ويربط الدكتور عايض الزهراني بين دعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار وكرسي الاعتدال بقوله: ليس هناك شك في أن السنوات الأخيرة كانت أكثر بصيرة وتبصير في الفكر السعودي، وما جاء ذلك إلاّ من خلال النافذة التي افتتحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وهي نافذة الحوار والذي شع ضياؤه من الداخل وتعمق وسعى بعدما أعلن أن لا ثقافة وفكر يشرق دون العبور من خلال طريق الحوار الذي يجمع ولا يقطع، فنادى -حفظه الله- بالحوار وعقدت جلساته وجابت أجزاء الوطن لتتحاور الأطياف الثقافية المختلفة، ولم نعد جميعًا نخشى ما كنا نخشاه من قبل، حيث كان الخطاب الديني يحمله فئة لم تتعمق في الدّين، بل كانت تأخذ من قشوره فأقامت ثورة من المصادمة مع التيارات الثقافية الجديدة، ولكن مع الحوار ذابت تلك الفئة، لهذا في السنوات الأخيرة لم يعد هناك شكل مغاير للفكر السعودي عن غيره؛ بل متسامح متلاقح مع كل الأطياف. ويستدرك عائض قائلاً: نحن لا ننكر أنه كانت هناك مواجهات وجبهات تغلق منافذ الحوار مع جميع الأطياف الثقافية والفكرية، وربما قللت من الإتساع للفكر السعودي داخليًّا، بينما خارجيًّا هناك من يمثّل الفكر السعودي؛ ولكنها أصوات قليلة. غير أنه مع التعمق أكثر في نهج الحوار ودعوة مليكنا إليه اختلفت الصورة، فأصبح لدينا فئة تنويرية من مشايخنا الذين يواكبون العصر ومتغيراته والزمن ومتطلباته ويتعاملون مع روح النص لا جموديته والقبض على ما لا يتوافق مع العصر، فأصبح التيار الديني اليوم أكثر انفتاحًا. ويختم الزهراني حديثه بقوله: إن ما قام به صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل من طرح لموضوع الاعتدال في المنهج مثّل رؤية شمولية ثاقبة، وهي امتداد لما نعيشه في عهد خادم الحرمين الشريفين بوصفه زمن الاعتدال والوسطية مع جميع المذاهب والأفكار برؤية عقلية مقنعة، بما يجعل أجيالنا في مأمن الآن ضد تلك الفيروسات المرضية التي تعيش الفكر الأوحد وجمود النص أو تأويله كيفما تشاء. نهج مؤسس الدكتور عبدالله المعطاني: ليس غريبًا على الأمير خالد الفيصل أن يطرح موضوع منهج الاعتدال الإسلامي في هذه الدولة، فضمن محاضرة سموه يلاحظ أنه ربط منهج الاعتدال الاسلامي بتأسيس الدولة الأولى، ومعنى ذلك أن الدولة بنيت على منهج مؤسس، وليس على افتراضات غير صحيحة. والناحية الأخرى أن في هذا العصر عصر التحديات والمتغيرات وعصر التكفير وعصر الإرهاب نحن بحاجة إلى أن نبرز وبكل صدق ووضوح منهج الدولة وهو منهج الاعتدال الإسلامي الذي ليس فيه كفر وليس فيه بغض وليس فيه رفض للآخرين؛ وإنما فيه محبة وسلام وقبول للآخر. وأحب أن أُهنئ جامعة الملك عبدالعزيز لتبنّيها هذا الكرسي، والذي سوف يكون له تأثير قوي في أفكار الشباب وإبراز سياسة الاعتدال الإسلامي لهذا البلد، والذي دائمًا ينادي به خادم الحرمين الشريفين وهذا يجعلني طبعا التفت إلى حوار الأديان الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين وانطلق من إسبانيا.