لا شك أن الفساد الإداري هو عصا عثرة في عجلة التنمية المستدامة لأي كيان، لكن أيضا هناك عصا أخرى لا تقل ضررا وهي بيئة العمل التي يشعر العاملون فيها أنها عدائية وتجعلهم يمقتون الحضور للعمل، بل قد تصل شدة كربهم منها لدرجة إصابتهم بأمراض عضوية ناتجة عن التوتر المستمر كأمراض القلب والشرايين وضعف جهاز المناعة الذي يجعلهم أكثر عرضة للأمراض من الزكام إلى السرطان، وأيضا الأمراض النفسية كالكآبة التي تؤدي لانخفاض الإنتاجية، والأمراض «النفس جسدية سيكوسوماتيك» وهي أعراض جسدية سببها الكرب النفسي، وتؤدي تلك البيئة السلبية لسوء تعامل الموظفين مع الجمهور، ولزيادة التوتر في البيت لسوء الحالة النفسية للشخص وقد يصل لدرجة العنف والطلاق، ومن الخطأ الاعتقاد أنه طبيعي أن يكره الإنسان عمله، فالأصل أن الإنسان يحقق بالعمل حاجات نفسية كالشعور بالرضى عن الذات والحصول على التقدير والاحترام بناء على عمله، لكن الإنسان يكره عمله لعدة أسباب: * نمط الإدارة الدكتاتوري الذي يتمحور حول إرضاء شهوة السلطة لدى المدير بدل أن يتمحور حول كفاءة العمل. وفي كثير من الأحيان يمارس المدير الدكتاتوري تسلطه على الموظفين ويجبرهم على العمل خارج أوقات الدوام وبشكل مستمر يؤثر على حياتهم العائلية. وفي الغرب تجرى اختبارات نفسية للمديرين للتأكد من سلامتهم من الأنماط النفسية التي تؤدي لسلوكيات مؤذية للموظفين كالسيكوباتية والنرجسية وعقدة النقص. * وصول العديدين لمنصب الإدارة العليا بدون مؤهل أكاديمي إداري ولا حتى دورة تأهيلية. * ضعف فاعلية إدارة الرقابة على أداء الموظفين في رصد أسباب تدني الإنتاجية وعدم الكفاءة والتهرب الوظيفي، ونمط المحاسبة الموجود غالبا يأخذ شكل تقريع المستويات الإدارية الأعلى للأدنى عند ظهور الخلل للعلن بدون تقصٍّ لأسباب الخلل الهيكلية، وينتج عنه سعي لمداهنة الأعلى والضغط السلبي على الأدنى. * التحفيز السلبي بالتعنيف المهين وغير الموضوعي. * تعارض حدود صلاحيات الموظفين، وقد يطالب الجمهور الموظف بأمور ليست ضمن صلاحياته وإن كان بحكم منصبه يفترض أن يمتلك تلك الصلاحيات، وبالمقابل قد يحمل الموظف وزر تجاوزات أطراف أعطيت صلاحيات تتجاوز تخصصاتها، وهذا يقوض سلطة الموظف في المستويات الإدارية التنفيذية على من تحت سلطته لأنهم يرون أن السلطة الحقيقية هي لغيره، وهذا يؤدي لتهاون من طرفهم في الانتظام في أعمالهم ويولد بيئة غير مريحة من التعاملات القائمة على بناء محسوبيات شخصية لدى ذوي السلطة الأعلى. * تقييم الموظفين بناء على اعتبارات غير موضوعية، أو إهمال تقييم الموظفين بالكلية، مما يشعر المجدين بالظلم لمساواتهم بالمفرطين. * حرمان الموظف الكفء من الترقية والإجازات بسبب كفاءته، فلأن المدير لا يريد خسارته لقلة أمثاله يعطل ترقيته ويتعسف في إعطائه إجازته، والأقل كفاءة قد يترقى قبله. * قد تدخل التعصبات المتعلقة بخلفية المديرين والموظفين في بناء أحلاف طاردة لمن هم خارجها. * التعرض للضغوطات للتستر على الفساد الإداري وإساءة استخدام السلطة، والجهل بقنوات التبليغ عنه. * ضعف التجهيزات المكتبية كالغرف والمكاتب والمكيفات، والدراسات أثبتت وجود علاقة بين نسبة الأخطاء والتهرب من العمل وبيئة العمل المادية غير المريحة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة