منذ سنوات ومسلسل ظهور القنوات التلفزيونية واختفائها لم يتوقف. كلما أعدنا برمجة أجهزة الاستقبال لدينا تطل علينا مسميات جديدة لقنوات، ونفقد أخرى. قنوات عامة، رياضية، دينية، أطفال، أخبار... إلى غير ذلك من التخصصات. من بين مئات القنوات التي نمر عليها في أوقات متفرقة أو بصفة دائمة يبقى في ذاكرتنا ما نرى أنه جدير بالمتابعة والمشاهدة، ويسير بخطى تطويرية ثابتة.. كما سبق أن أشرت في مقال سابق، ليس من الصعب إطلاق قناة جديدة، ولكن الصعب هو كيف نريد لهذه القناة أن تكون، وما هي هويتها، وما مدى قدرتنا على توفير الاحتياجات لها لتلقى الرواج المطلوب وتستمر عليه. النموذج المثالي في القنوات الخاصة الذي أثبت أنه بحق يسير وفق خطط مدروسة هو مجموعة قنوات MBC حتى من قبل أن تكون مجموعة. لقد عاصرت بداياتها في لندن منذ سنوات طويلة حين كانت في مبنى صغير كله ممرات ودهاليز، وفي حي صناعي بعيد عن الوسط الراقي في عاصمة الضباب. وفي تجوالي داخل ذلك المبنى لمست آلية منسجمة في العمل، وكوادر تعرف ماذا تفعل، وتجهيزات تلبي احتياجات إنتاج متطور، مما يعني التنبؤ بمستقبل واعد لهذه القناة.. وهو ما حصل بالفعل. اتسعت النظرة التطويرية ولم يبق الحال على ما هو عليه، وبعد فترة ليست بالطويلة انتقلت MBC إلى مبنى حديث توفرت فيه كل عوامل البث التلفزيوني المتطور وازدادت الطموحات، فرأينا قنوات العربية والأطفال وعددا من قنوات الأفلام في محاولة لتلبية ما يسعى إليه المشاهد في كل مكان وأصبحنا نتحدث عن مجموعة قنوات MBC. في الأسبوع الماضي أتيحت لي الفرصة أن أكون ضيفا على قناة العربية وعلى MBC في دبي بعد أن انتقل المقر إلى هناك، وخلال وجودي في المبنى رأيت استمرارا وثباتا على ما سبق وإن رأيته قبل عدة سنوات من أسلوب راق للعمل التلفزيوني المحترف. الكل يعمل بصمت ويعرف ما هو مطلوب منه في انسيابية عجيبة بين (desk) وآخر لتخرج في النهاية مادة متميزة في كل شيء. رأيت مجموعة من الشباب السعوديين تم استقطابهم في عدد من التخصصات ولمحت في أعينهم نموذج الشاب الطموح القادر على الإنجاز والإبداع. كل شيء يتم الإعداد له مسبقا. الضيوف المشاركون في البرامج تقدم لهم كافة التسهيلات ويشعرون قبل فترة كافية مع الدقة في المواعيد. أين نحن من بعض القنوات التي يتصل بك فيها المعد قبل البرنامج بساعات ويطلب منك المشاركة في برنامج تحتاج للمشاركة فيه بفاعلية أن تهيئ نفسك وتجمع بعض المعلومات الضرورية. بل أين نحن من قنوات تدعوك إلى المشاركة في برنامج ما وفي طريقك إليهم يأتيك اتصال بأن البرنامج قد ألغي وبدون حتى كلمة (شكرا) متجاهلين أنك قد فرغت نفسك في هذه الفترة لأجل المشاركة. إذا أريد لقناة أن تنجح فالمعادلة بسيطة؛ وكل ما يحتاجه المؤسسون هو: التخطيط السليم، والقيادة الناجحة، والكفاءات القادرة، والموارد المتوفرة. وعندما نتطلع إلى أي قناة ونجد عندها خللا أو سوء إنتاج، فهذا يعني خللا في المعادلة، ومستقبلا تحف به المخاطر مما ينذر بقرب اليوم الذي عندما نعيد فيه برمجة جهاز استقبال القنوات لدينا لا نجد لهذه القناة أثرا. [email protected]