أصبح معتادا أن نسمع كل يوم عن حالة محتاج يبحث يومه عن ما يسد احتياجاته من مأكل ومشرب وملبس ومأوى .. ونشاهد عبر وسائل الإعلام مسنة ومسنا يعيش بخرابة أو بخيمة تقيمها عصا .. ونعلم أن قرية كاملة يعيش أهلها بلا خدمات ولا مرافق وإعانات غير كافية .. تماما كأولئك المعوزين المحتاجين الذين يرمقون الضمان الاجتماعي أملا يؤمن لهم نفسياتهم وصحتهم وتعليمهم وغذاءهم ومأواهم وبقية احتياجات هذه الحياة في ظل غلاء متصاعد بمعونة قدرها 860 ريالا تقريبا. كل ذلك صار معتادا أن نسمعه ونعاينه في مجتمعنا الإسلامي الذي ينادي بالتكافل والتضامن الاجتماعي .. وفي ظل دولتنا التي تشهد لها بقاع العالم بالأيادي البيضاء .. سنابل طرح لا تكل ولا تمل. سؤال يطرح الاستنكار والتعجب .. ما الذي آل بنا إلى ما نحن عليه؟ .. طبقات في مجتمعنا تعيش رافلة حتى النخاع في الترفه والغنى والدعة .. وطبقات متوسطة الحال وهذا طبيعي .. ولكن المستنكر هو حال الفقراء والمعدمين، الذين أصبح البعض منهم على سطح الاعلام كأنهم زبد يحمله لا فائدة منه .. وهم في الإسلام سواء مع الأغنياء. أيها السادة .. لا ينبغي أن نغفل عن تاريخنا الإسلامي وسيرة الأنقياء الأتقياء والأصفياء فيه .. لابد من عودة قوية إليه فوالله من نهجهم وخطط سيرهم في الحياة كلها سبيل النجاة وسبيل التكافل الاجتماعي الصحيح .. أين نحن من عدلهم الذي فاض بالخير العميم الذي ما وجد فقير ولا محتاج في خلافة عمر بن عبدالعزيز يقع بيده؟. العدل الذي أبكى عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وحين سئل عما يبكيه قال: إني تقلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم أسودها وأحمرها، فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم المقهور والغريب الأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير والمال القليل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربي سائلي عنهم يوم القيامة، فخشيت أن لا تثبت لي حجة فبكيت. ماذا أيها السادة أعدل تغيب؟ أم أمانة ضيعت؟ أم أمور وكلت إلى غير أهلها؟ فصار الحق باطلا والباطل حقا عندهم .. ولا شيء أعظم من ضياع الحق . [email protected]