أوردت صحيفة محلية خبرا يمكن أن يطلق عليه كارثة أو سابقة إدارية! سموها ما شئتم، وملخصها أن شبكة الحاسب في أحد المستشفيات الحكومية يديرها مبرمج متعاقد، فضل البقاء في بلده والعمل عن بعد براتب يتجاوز أربعة آلاف ريال، حيث يعمد لتشغيل الشبكة وإيقافها متى ما أراد عند تأخير راتبه عن يوم 25 من كل شهر، وأحيانا يقوم بتعطيل الشبكة في منتصف الشهر؛ ليحصل على بدل عمله الإضافي. وأكد مدير المستشفى أن ما يحول للمبرمج ليس إلا حقه؛ لأنه صمم البرنامج ويعرف كيف يتعامل معه، وله الحق في إيقاف البرنامج متى شاء إذا لم يستلم حقه... إلى آخر ما جاء في الخبر. إن هذا الأسلوب في الابتزاز عن بعد يزيد من معاناة المرضى والمراجعين، خاصة ما يترتب على إرباك تسجيل مواعيد الكشف والعلاج، وصعوبة الوصول للسجلات الطبية. ولأن المقام ليس بمقام لوم أحد بعينه، أو جهة ما، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه وبأقصى درجة من البداهة: ألم يكن من الأجدى أن يتم الاستعانة بأحد أبناء الوطن من الفنيين المتخصصين في برمجة الشبكات Network Programming لتصميم برامج (Software) للملفات الإدارية والطبية في المستشفى، تكون أحدث وأسهل، وبأيدي متخصصين سعوديين لديهم من المهارة والجدارة، تفوق ما لدى هذا الفني، بدلا من الوقوع تحت رحمته ومزاجيته. ومن المؤكد أن ذلك سيتيح مجالا أوسع للتعامل مع الأعطال، وتحديث البرامج وتطويرها بسهولة ويسر، إضافة إلى أنه لن يحتاج لمصاريف مرتفعة، ويحقق توفيرا للجهد والوقت والمال. إن هذا التميز والتفوق لأبناء الوطن لا يقتصر على الإبداع في مجال تقنية الإلكترونيات (Electronics Technology) والبرامج الحاسوبية، بل يمتد ليشمل العديد من المجالات والتخصصات التي تحتاجها سوق العمل. وبعيدا عن هموم السعودة وتداعياتها؛ يمكن للمؤسسات الحكومية استيعاب العديد من الكفاءات السعودية الذين يمتلئ بهم الوطن في مختلف التخصصات، ويحتاجون فقط إلى الثقة بإمكاناتهم، والإيمان بقدراتهم، ومنحهم فرصا حقيقية لإثبات جدارتهم، وألا تطلق عليهم أحكاما عامة بالفشل عند إخفاق بعض منهم. وليس هناك شك في أننا نتفق جميعا أن ابن البلد أولى بالدعم المعنوي والمادي على جميع المستويات، من منطلق أنه أوفى لمجتمعه، وأصدق انتماء لوطنه، وبالتأكيد فهو أكثر أمانة، وأقل تكلفة، وفي النهاية هو الأبقى للوطن. * جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected]