يتواصل اهتمام الدولة حفظها الله بدعم مسيرة التعليم الجامعي والعالي معنوياً ومادياً، وهو ما يتضح في زيادة عدد الجامعات الحكومية والأهلية، وإتاحة الفرص التعليمية لأكبر عدد ممكن من خريجي المرحلة الثانوية، حيث وصل عدد المقاعد لأكثر من 306 آلاف مقعد، في 24 جامعة حكومية، فضلا عن المقاعد المتاحة في الكليات والجامعات الأهلية، ضمن برامج الابتعاث الداخلي، الذي يشكل رافداً مهماً لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. وفي موازاة ذلك تتولى وزارة التعليم العالي طرح المناقصات، وتوقيع العقود الضخمة بصورة شبه أسبوعية؛ لإنشاء مقرات عصرية للجامعات الناشئة، وإعادة تأهيل البنى التحتية للجامعات القائمة، وتوفير الخدمات المساندة Support Services لأنشطتها الإدارية والأكاديمية، والتي تتواكب مع احتياجات الطلبة، وأعضاء هيئة التدريس، وبرامج البحث العلمي، وتتماشى مع تطلعات المجتمع. ويؤكد هذا الاهتمام الاستراتيجية الطموحة للقائمين على التعليم العالي بهدف الارتقاء بمستوى التعليم الجامعي والعالي، وتبني اقتصاد المعرفة، وتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما لا يمكن الوصول إليه دون التكامل بين متانة البنيان، وجودة الإنسان، خاصة ما يتعلق بالتركيز على إعداد الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة لتسنم زمام الأمور في مختلف الجامعات الحكومية والأهلية، وقيادتها لتحقيق غايات وأهداف التعليم العالي. ونتفق جميعاً على أهمية توفير المباني الجامعية وفق أعلى مواصفات الجودة العالمية، لكن الأهم من ذلك الاستفادة من الكوادر الوطنية الذين تزخر بها جامعاتنا، ولديهم من التأهيل والكفاءة ما يفوق خبرات الكثيرين، يمكن توظيفها لقيادة مختلف الفعاليات الإدارية والأكاديمية في الجامعات السعودية، وخاصة الناشئة منها، التي يعاني بعضها عجزاً في أعداد أعضاء هيئة التدريس؛ نتيجة لتسارع إنشاء عدد من الكليات والأقسام الجديدة، وإقرار تخصصات علمية يحتاجها سوق العمل. ويمكن لهذه الجامعات الاستفادة من الكوادر الأكاديمية في الجامعات السعودية العريقة، كجامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الملك فهد، وجامعة أم القرى، وكذلك المخرجات المتوقعة لبرنامج الابتعاث الخارجي الذي التحق به عدد كبير من المعيدين والمحاضرين المنتسبين للجامعات الحكومية في مختلف التخصصات العلمية والطبية المهمة، والذين أثبتوا جدارتهم وتميزهم في الجامعات الأجنبية التي ابتعثوا إليها، ويتوقع لهم تغطية كثير من الوظائف الأكاديمية المشغولة بأعضاء هيئة تدريس غير سعوديين، ليسهموا في تخريج كفاءات على مستوى عال من الجودة، في الجامعات القائمة، أو الجامعات الناشئة على حد سواء، وهو ما يعزز توجه الدولة وجهودها نحو سعودة الوظائف بكوادر مؤهلة وماهرة، بدلا من استقطاب كوادر غير مؤهلة تبقي القوى الوطنية العاملة عند المستوى نفسه غير المرغوب من المهارة والبطالة. كلمة أخيرة: متى يبلغ البنيان يوماً تمامه ... إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟! * جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected]