قبل سنوات، ومع بداية ظهور مصطلح «السينما النظيفة»، كتبت متسائلا: أي سينما هذه، ومن هم أصحاب المصطلح العجيب؟، كنت أتحدث وبالاسم عن سامي العدل، وأحمد السبكي، وأفلامهما، فقد كانا وفي أكثر من حوار تلفزيوني يرددان هذا المصطلح بصفاقة خائبة، وكل منهما يثرثر طويلا حول مسألة أن أفلامه لا تحمل أي مشاهد جنسية، وأنها تصلح للفرجة العائلية، وكلمات من هذا القبيل، فكان تعليقي، الذي كررته في مقالات عدة، أن الفيلم الرديء هو سينما قذرة، وأن الفيلم الجيد هو سينما نظيفة، وأن كلمات السبكي، وسامي العدل فارغة، وتجارية، ولعب بالبيضة والحجر، والمصيبة أن معظم إنتاجهما السينمائي ليس نظيفا، حتى في مفهوم النظافة التي يتحدثان عنها، ففي الوقت التي خلت فيه تلك الأفلام من مشاهد جنسية، وراقصات شرقيات، ومشاهد شاطئية ساخنة، إلا أن هذه الأفلام غصت بأبشع، وأبجح، وأكثر العبارات خدشا للحياء، فكان كل فيلم منها يحتوي على عبارات وألفاظ لو وضعناها في كفة، وكل ما أنتجته السينما العربية في كفه، لرجحت كفة فيلمهما بالفساد اللفظي، والإيحاءات الخادشة، أضف إلى ذلك العبارات العنصرية الغبية، والمقرفة، الأمر الذي يمكن لك معه الاستنتاج وبسهولة أن مثل هؤلاء المنتجين لا تهمهم أخلاق وليس لديهم مبادئ محددة من أي نوع، باستثناء ميكافيلية الربح، وأنهما على استعداد لتقديم أكثر المشاهد سخونة، فيما لو تأكد لهما قدرتها التسويقية، لكن كل منهما كان يساير موجة، مصرية، وعربية، اتجهت إلى التحفظ، والمحافظة في ردة فعل يمكن تفسيرها لمحللي الأوضاع الداخلية والخارجية للإنسان العربي، وكنت ممن هم على ثقة كبيرة بأن هذه السينما التي يسمونها نظيفة قابلة للزوال، وفي طريقها إليه، لأن السينما التجارية لا يمكن لها التخلي عن مشاهد الجنس، والعنف، والإضحاك، والحركة، في غير فترات شديدة الاستثنائية قصيرة الزمن، لأن مفردات السينما التجارية، التي لا تعرف لغة غيرها، هي الجنس، والحركة، والعنف، والفكاهة الساذجة، وعليه توقعت أن يخرج علينا كل من السبكي، وسامي العدل بتنظيرات جديدة، تميل مع الريح حيث تميل، وقبل أيام تابعت سامي العدل في برنامج يناقش سينما العري البادئة في الانتشار، أو العائدة إلى الظهور، وهو يقول: (يا جماعة، ما هي الست اللي اسمها ليلى في الفيلم، مش هي الممثلة نفسها، دي شخصية، ودي شخصية، وأنا لو رضيت أن البطلة تلبس مايوها في صالة الشقة أكون عبيط، لكن على البلاج حتلبس إيه غير مايوه)!، وأراهنكم أن السبكي سيقول نفس الكلام في أقرب حديث تلفزيوني له، إذ من الواضح أن موجة اعتزال الفنانات، وارتدائهن الحجاب قد انحسرت واضمحلت، في دليل ومؤشر واضح إلى مراجعة الشارع العربي نفسه حول مسألة التحفظ، ذلك لأنه كان تحفظا شكليا، وخارجيا، وسطحيا، ولا يخلو من زيف، مثله مثل كلام سامي العدل، وأحمد السبكي!.