حقق الحوار الوطني الكثير من أهدافه التي رسمها «عبد الله بن عبد العزيز»، وهو كغيره من الظواهر الاجتماعية الثقافية، لا يكون من لا شيء، بل هو في الغالب الأعم عبارة عن رد فعل لأشياء، فقد طرحت فيه موضوعات وقضايا مهمة، دارت المناقشات حولها بحرية الكلمة المسؤولة، واتخذت توصيات نجمت عن رؤى موحدة. الإعلام السعودي، الذي دخل هذا العام عامه ال «89» غاب عن الحوار الوطني، لم يطرح قضاياه للمناقشة والتقويم، ولم تسمع الآراء حوله، وهو الذي اكتسب الشرعية لنفسه، منذ أن وضع المؤسس «الملك عبد العزيز» نواة أول مؤسسة إعلامية سعودية «صحيفة أم القرى، الجمعة 15 جمادى الأولى 1342ه» وما تلا ذلك من مؤسسات مماثلة، حتى تم تقعيدها. إذا فنقطة البداية في إعلام سعودي متجدد، تكون في: إلقاء نظرة على ماضي الإعلام السعودي، واستحضار الرؤى المستقبلية له، وهو ما يفرض نفسه في ضوء: مضي ما يقرب من «20» عاما على ظهور السياسة الإعلامية السعودية «1412ه 1982م»، وإنشاء قنوات فضائية جديدة، وتحول الإذاعة والتلفاز ووكالة الأنباء السعودية إلى مؤسسات عامة، وظهور الإذاعات المتخصصة، ومزاحمة الإنتاج المستورد، وضرورة دعم الشركات المحلية للإنتاج، وإعادة هيكلة الوزارة، وضعف أداء الإعلام الخارجي، والتوسع في استخدام التقنية الحديثة، وضرورة إعداد قوى بشرية، قادرة على مواجهة التحديات الإعلامية الداخلية والخارجية، يضاف إلى ذلك ندرة البحث الإعلامي، وإعادة تأهيل الإعلاميين والإعلاميات، وإحياء المجلس الأعلى للإعلام، ودراسة تدوير مناصب رؤساء تحرير الصحف السعودية، كل هذه المتغيرات تستوجب حوارا وطنيا حول الرؤى المستقبلية للإعلام السعودي، يلتقي فيه المسؤولون الإعلاميون وجها لوجه مع المثقفين، والمفكرين، والعلماء الشرعيين، والمصلحين الاجتماعيين، وكل فئات المجتمع السعودي، وبخاصة الجمهور المتلقي، يسمعون منه ملحوظاته، وماذا يريد؟ وماذا لا يريد؟ وما المفضل عنده وما لا يرغبه؟ من منطلق أن المضمون الحالي يستوجب إعادة النظر فيه في ضوء متغيرات اجتماعية كثيرة منها: الإرهاب والفكر الإرهابي، والحوار الوطني نفسه، وعمليات الإصلاح الشامل، وحوار الأديان الذي نادى به «عبد الله بن عبد العزيز» ووجود بطالة، وفساد، وإنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، واستراتيجية الشباب السعودي، وتطوير القضاء السعودي. وما سردته هنا لا يعدو أن يكون نماذج من قضايا إعلامية سعودية، ينبغي أن ترسخ الطموح إلى إقامة إعلام سعودي، منطلقا من مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، ليستقر في أذهان الجماهير ووعيها. لا أريد التوسع، أطرح الفكرة فحسب، وقبل ذلك يستحسن العروج على الطريقة التي يفكر بها الإعلاميون السعوديون، بحيث لا يرون الواقع بذهن حالم، وإنما بعقل عالم، وبأفكار واقعية، تتداخل فيها الطموحات المتنافسة، داخل الوعي الوطني. الإعلام السعودي بشقيه: الرسمي والخاص، يحتاج إلى مشروع مستقبلي، هو ضرورة ملحة وبديهية تجعله يتصادق مع المتلقين، ويصادقونه، بحكم الموقع الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية، وذاكرتها التاريخية والثقافية، والأخذ بأسباب القوة والمنعة. الكرة الآن في مرمى الحوار الوطني، والتحليل النقدي الموضوعي للإعلام السعودي، قادر على التمييز بين «الزبد» الذي يذهب جفاء، وما ينفع الناس فيمكث في الأرض. badrkerrayem @ hotmail.com فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة