تقوم الجامعات بدور مهم تجاه نشر القيم والمثل العليا في المجتمع، من منطلق أن خدمة المجتمع إحدى الوظائف الأساسية للجامعة؛ بل إن عدداً من خبراء التعليم التعالي يؤكدون أنها أهم وظيفة من وظائف الجامعة. وتشير بعض الدراسات العربية والأجنبية إلى أن الجامعات كان لها دور مؤثر في تشكيل المجتمعات وتوجيهها، وتزويدها بمختلف المعارف والمهارات والقيم التي تسعى المجتمعات لترسيخها في نفوس أبنائها. إنّ قيام الجامعات بواجباتها تجاه غرس القيم الإيجابية وترسيخها في المجتمع،أحد أهم الأهداف التي تعمل لتحقيقها،من منطلق أن القيم Values عنصر أساس لأي خطوات تطويرية مستقبلية لأي جامعة،وهو ما نراه واضحا ضمن الخطط الاستراتيجية للجامعات السعودية والعالمية الرائدة، إلى جانب الرؤية Vision والرسالة Mission والأهداف Goals. وتؤكد السياسة التعليمية للمملكة على أن تزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية وبالمثل العليا أحد أهم غايات التعليم العام والعالي على حد سواء. ويتعرض المجتمع السعودي في الوقت الحالي لجملة من التحولات الاجتماعية، الاقتصادية، والتعليمية، مما يوجب على الجامعات العمل على إعداد وتنفيذ خطط وبرامج لترسيخ القيم الإيجابية، والتكامل في ذلك مع جهود مؤسسات التعليم العام التي تتولى الدور الأكبر في هذا المجال، وذلك لأن مرحلة التعليم العام تعدّ مرحلة أساسية لتشكيل القيم والاتجاهات لدى الطلاب والطالبات. ومع تطور التعليم العالي، وارتفاع عدد الجامعات السعودية إلى أكثر من ثلاثين جامعة حكومية وأهلية، وزيادة أعداد الطلبة؛ تزايدت مسؤوليات الجامعات للقيام بواجباتها نحو رعاية القيم الإيجابية لطلابها وطالباتها، بما يحقق أهداف الجامعة والمجتمع. إنّ هذا الدور لا يمكن القيام به دون تعاون إدارة الجامعة، وأعضاء هيئة التدريس، ومختلف مؤسسات المجتمع؛ كما أن تجاوب الطلاب والطالبات وقناعتهم عامل رئيس لإنجاح الخطط والبرامج الوقائية الهادفة لرعاية وتعزيز ما اكتسبوه من قيم الإيجابية، وعلاج القيم السلبية. وبالرغم من تعدد برامج الإرشاد والتوجيه الطلابي التي تقدّمها إدارات شؤون الطلاب في الجامعات السعودية، إلا أن جل مسؤولية تعزيز القيم والمبادئ الإيجابية في نفوس الطلبة تقع على عاتق عضو هيئة التدريس، حيث يتواصل معهم أغلب الوقت الذي يقضونه بالجامعة، وخاصة خلال المحاضرات، وهو يسهم بدور مؤثر كونه قدوة صالحة لهم يعمل على توجيههم، وإسداء النصح لهم، باتباع أساليب الإقناع البعيدة عن الفرض أو الوصاية، وذلك من منطلق الواجب تجاههم، الذي يحتم التركيز على التربية إلى جانب التعليم، والعمل على إكساب الطلبة قيما إيجابية تصبح سلوكا طبيعيا في حياتهم وتعاملاتهم اليومية، ينعكس أثره داخل الجامعة وخارجها. * جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected]