تؤدي الجامعات ومنذ نشأتها وظائف رئيسية كالتدريس، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع؛ وهو ما درجت عليه لسنين عديدة. وفي الوقت الذي تركز الجامعات على التدريس كأحد وظائفها الأساسية؛ نجد أن عددا من الجامعات العالمية توجه جهودها للاهتمام بدعم البحوث العلمية المنتجة ونشرها، وأن تكون جامعات بحثية تلبي احتياجات المجتمع، وتدعم خططه الاقتصادية؛ وهي بذلك تقوم بوظيفتين أساسيتين من وظائف الجامعة، هما: البحث العلمي، وخدمة المجتمع. وقد حرصت الجامعات البحثية العريقة كهارفارد Harvard وأكسفورد Oxford على تسويق نفسها عالميا، بعقد شراكات علمية مع عدد من الجامعات العالمية لنقل الخبرات، وتبادل أعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى برامج الدراسات العليا التي يقبل عليها الطلبة من مختلف قارات العالم. ظلت الجامعات السعودية لسنوات عديدة توجه معظم مواردها وإمكاناتها نحو وظيفة التدريس التقليدية، بهدف تلبية الطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم الجامعي، في ظل النمو السكاني المتزايد، والعدد المحدود للجامعات. وخلال السنوات القليلة الماضية قفز التعليم العالي في المملكة نوعيا، حيث ارتفع عدد الجامعات، وزادت نسب القبول، وأعداد الكليات، وكذلك المخصصات المالية، كما صاحب هذا التوسع تركيز على التخصصات الطبية والعلمية. ومواكبة لهذا الحراك النوعي، بدأت بعض الجامعات السعودية، من خلال خططها الاستراتيجية بتعديل توجهاتها السابقة المرتكزة على التدريس كأولوية، لتكون جامعات بحثية على المدى الطويل، وبرزت على هذا النحو جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (Kaust) التي تأسست لتكون جامعة بحثية تعمل على دعم البحث العلمي، وتقديم المنح التعليمية في مجال الدراسات العليا، واستقطاب الكفاءات من أعضاء هيئة التدريس من داخل المملكة وخارجها. كما أخذت جامعات أخرى بقصب السبق في هذا المجال لتحقيق رؤيتها بأن تكون جامعات مرجعية (Bench Mark) تعمل على تطوير أعضاء هيئة التدريس معرفيا ومهاريا، وتخريج طلاب عالميين Universal Students)) يملكون معارف، ومهارات، وقيما إيجابية، ولديهم القدرة على خلق فرص عمل بدلا من انتظارها، أو التحجج بعدم توفرها. وفي ظل التغيرات والتحديات المستمرة التي يواجهها التعليم العالي، فإن من المهم أن تقوم الجامعات السعودية بدور لا غنى عنه في المرحلة الحالية، يتمحور في قيامها بواجباتها نحو التعريف بالدور الحضاري للمملكة ومنجزاتها في مختلف المجالات، من خلال بناء جسور للتعاون العلمي والأكاديمي مع الجامعات العالمية، بمشاركة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وزيادة برامج المنح العلمية لطلبة الدول الشقيقة والصديقة، وكذلك برامج استقطاب الأساتذة الزائرين، واتفاقيات الشراكة والتوأمة العالمية. لكن الأهم تفاعل القائمين على الجامعات، وأعضاء هيئة التدريس، وكذلك الطلبة مع تلك التوجهات والأدوار الجديدة، لأن اليد الواحدة لا ولن تصفق مهما كانت قوية، ومنبسطة. * جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected]