على الرغم من كونها أصغر وحدة في النظام التعليمي، إلا أن المدرسة تعد الميدان الرئيس لتنفيذ السياسات والنظم التعليمية، وتحقيق غايات وأهداف المجتمع، وإمداده باحتياجاته من الكفاءات المؤهلة تربويا وتعليميا ومهاريا، والتي يمكنها مواصلة التعليم بالالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، أو الوفاء بمتطلبات سوق العمل من الكوادر البشرية. ويتطلب تحقيق ذلك، تضافر جهود القيادات التربوية ذات العلاقة بالمدرسة، ومؤسسات المجتمع لتعزيز الدور الريادي الذي تقوم به المدرسة في غرس القيم الأخلاقية لدى الطلاب والطالبات بالمرحلة الابتدائية، وترسيخها في المرحلة المتوسطة، وتعزيزها في المرحلة الثانوية، بما يسهم في الأخذ بأيديهم لأداء ماهو مطلوب منهم كمواطنين صالحين يخدمون مجتمعم في مختلف المجالات. ويأتي اهتمام القيادات التربوية بمؤسسات التعليم العام بهذه المهمة العظيمة، استجابة لتوصيات التربويين والقيادات المجتمعية التي أكدت على تفعيل الدور التربوي والأخلاقي للمدرسة، بما يسهم في ترسيخ القيم الإيجابية والأخلاقية لدى الطلاب والطالبات، بحيث تصبح نهجا أساسيا في حياتهم اليومية، خاصة في ظل تحولات فكرية وثقافية واجتماعية يمر بها العالم في الوقت الحالي، وهو ما يتحتم تهيئة المدارس لمواجهة مثل هذه التحولات التي قد تنعكس سلبا على سلوك ومظاهر بعض الطلبة، والعمل على تحقيق التكامل مع الجهود التربوية والتعليمية التي تقوم بها بقية مؤسسات المجتمع، كالمسجد، والأسرة، والجامعات، والإعلام، والأنديةالثقافية، والأندية الرياضية.. وغيرها. وتقع على الأسرة مسؤولية وضع اللبنات الأساسية في مشوار غرس القيم الأخلاقية لدى الأبناء، وذلك منذ السنوات الأولى في حياتهم؛ بل إن بعض التربويين يرون أنها قد تبدأ في الشهور الأولى منها، وذلك على اعتبار إدارك الأطفال وتأثرهم بما يرونه، أو يسمعونه من الأشخاص الذين حولهم، وميلهم إلى التقليد والمحاكاة. ولهذا فإن دور الأسرة يعد محوريا لما تقوم به المدرسة من جهود مكملة، لكنها مؤثرة في تعزيز القيم الإيجابية في نفوس الطلاب والطالبات، وتشكيل توجهاتهم ومبادئهم. ويمكن أن تسهم المدرسة بمختلف مراحل التعليم العام بترسيخ عدد من القيم الأخلاقية التي بادرت الأسرة بغرسها أصلا؛ بأن تعمل على تعزيزها لدى الطلبة بالتركيز على القيم الأخلاقية، كالإيمان الصادق بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وبر الوالدين، والمحافظة على العبادات، والصدق، والأمانة، وطاعة ولاة الأمر، واحترام الآخرين، والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام، وإفشاء السلام، والحلم والتسامح، وقيم المواطنة الصالحة، والمحافظة على الممتلكات العامة، واحترام آراء الآخرين.. وغيرها من القيم السامية الموجودة بالفطرة في نفوس أبنائنا، لكنها بحاجة لإبرازها، وصقلها، والاستمرار بتعزيزها، وهو ما يؤكد مبدأ المسؤولية المشتركة، والتكامل بين المدرسة، وبقية مؤسسات المجتمع. • كلمة أخيرة: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ( أحمد شوقي ). * جامعة الملك سعود كلية التربية. [email protected]