انطلقَ " ربيع الشعر" في أولى أمسياته في نادي الجوف الأدبي الثقافي مع الشاعرين صالح عودة وخالد الروقي وأدار الأمسية خالد العيسى عضو مجلس إدارة أدبي الجوف . تدفقت قصائد الشاعرين في تنوع مدهش وتناوبا على دفة الإلقاء، فقرأ الروقي مرثية بعنوان ( البياض الذي غادر الأمس من بيتنا ) في إهداء إلى روح والدته، وتلاها بمرثية إلى سيد البيد الشاعر الكبير الراحل محمد الثبيتي ( أبكيك حياً .. أبكيك حباً ) ، لينتقل إلى قصائد ( حكاية الشهد، بدوي ويهواك، راوية لا تغش، الفقير الذي قيل مات ) بعد ذلك ألقى الشاعر صالح عودة قصيدته ( وطن في السماء )، وتلاها بنص ( الإقبال والإدبار ) والتي أعقبها بالقصائد: قراءة يثربية، ، مهاجرة فلسطينية، خميلة الضحى، قبس من الثلج. ورداً على سؤال من مدير الأمسية عن الطقوس التي يعيشها الشاعر أثناء الكتابة، رأى الروقي أن الخيال هو الطاقة الأجمل في النصوص الشعرية، لكون الخيال وحده هو من يلهم الشاعر مولداً القصيدة.. مشيرا إلى أنه يكتب ما يخرج من مداده دون احترافية، ليجد نفسه في شعر التفعيلة، متلذذا بالقبض على النص وتمريره دون تفسير.. أما عودة فأكدَ أن القصيدة كائن حي ينمو ويموت، ويكون جميلاً أحياناً وقبيحاً أحياناً أخرى، وبأن القصيدة هي من توجد نفسها دائماً بحدث أو بدون حدث، ولكل شاعر أسلوبه والمتلقي الآن على قدر كبير من الثقافة العالية، وقد يتفوق على الشاعر نفسه في تفسير بعض نصوصه، والقصيدة الخارجة من الأعماق هي الأقوى والأطول عمراً ". ورداً على مداخلة لأحد الحضور عن كون الشعراء الحداثيين يتميزون بالألفاظ والتراكيب اللغوية المعقدة وقصائدهم تأتي غالباً خيالية وبعيدة عن الواقع، قالَ الروقي: إن كثرة القراءات لدى شعراء الفصحى تجنحُ بهم جنوحاً لذيذاً إلى الخيال، لكنه لا يوجد شاعر يكتب خيالاً محضاً بل دائماً ما يمرر الواقع من داخل النص.. أما عودة فقد استعارَ مقولة ( أعذب الشعر أكذبه ) مؤكداً على أن الخيال أحد عناصر العمل الأدبي، فإذا ما اختل عنصر من العناصر يهبط العمل الأدبي، كما أن القصيدة كون كامل تختلف من جهة لأخرى ومن شخص لآخر. هذا وقد تحولت الأمسية قرب نهايتها إلى ساحة سجال بين آراء مختلفة أطلقتها مداخلات الحضور، فرأى البعض أن الشاعر الذي لا يراعي طبيعة المتلقي هو ليس بشاعر، فيما رأى آخرون أن الشاعر ليس مطالباً بمراعاة الجمهور، وأن القارئ لا بد أن يعمل عقله وخياله ليرتفع إلى مستوى النص الشعري الذي قد يأتي نتاجاً لتجربة ثقافية ومعرفية عميقة وثرية عاشها الشاعر.. وفي نهاية الأمسية قامَ نائب رئيس مجلس إدارة نادي الجوف الأدبي الثقافي الأستاذ ثامر المحيسن بتكريم الشاعرين مقدماً شكره للحضور.. تجدر الإشارة إلى أن "ربيع الشعر" سلسلة من أمسيات شعرية يقيمها أدبي الجوف على فترات متقاربة في محاولة لإعادة الاهتمام بقصيدة الشعر الفصيح في زمن غلبت عليه ثقافة الصورة المرئية وطغى طوفان الشعر الشعبي.