يخيل إلي أنني مصاب بحالة جفاف قاحل؛ ينتابني وسواس قهري للبحث عن عذوبة الماء من الداخل. ارتفعت درجة حرارة وفيما كنت أتجرع الماء متخيلا أثناء الظهيرة قصصا كثيرة عن الزير قديما وجرار الماء برائحة الطين، فبالكاد الآن أقبل على الماء من باب مجاراة الظمأ ومن غير إحساس بارتواء طبيعي لما يسمونه ظمأ، ولا هم يحزنون. قلت لنفسي بغير اتهام لمن يبيعون إلينا الماء في قنينات بلاستيكية لكي (نشتربه)، فاذا بترسبات الملوحة الذائبة في تركيبه تجترعنا بدءا من الحلق واللسان حيث الإحساس بعذوبة الماء، إذ كنا نشربه أيام زمان عذبا كما يفترض فيه أن يكون ماء بغير (تمويء) لما صار عليه الماء. فإذا كان لا يرويني ولا يرويك غير الماء، فأي ماء تشرب وإذا اشتربت بما لا تشرب فعلا وأنت تشرب، فدعني أسألك وأسأل الذي يشرب عطفا على ماء جاء في أول العبارة: كم لترا يشرب المستهلك العادي يوميا من مياه الصحة المقننة في عبوات بلاستيكية؟ لا شك أنك سوف تقول لي الكثير، ولكن السؤال ما مدى رضاك عن جودة تلك المياه؟ هل أنت راض عنها؟ وهل تعتقد أن معظمها على اختلاف ماركاتها التصنيعية مياه صحية حقيقية؟ لن أصادر رأيك في شيء تدفع مقابل الحصول عليه الريال وراء الآخر، ولكنني حقيقة، بوصفي مستهلكا، أشك في الكثير من تلك الماركات المحلية دون تشهير بأية ماركة على أقل تقدير في الوقت الراهن، فمنذ حوالي فترة ليست قصيرة أتناول تلك المياه على مضض، وأجد نفسي مضطرا لوصفها بالآتي: ثقيلة المذاق، لا تروي العطش بالكامل، عسيرة وليست يسيرة، ويميل التركيب الكيماوي لطبيعة الكثير منها من خلال الطعم بغلبة الكلور على بقية العناصر الأخرى، والأكثر من هذا وذاك أن بعضها يقترب من طعم مياه التحلية التي يستخدمها المستهلك العادي في أغراضه اليومية دون أن يجرؤ على تناولها بعذوبة لدفع غائلة الظمأ.. ربما يكون طعم الماء قد تغير، فالكثير من الأطعمة أيضا تغيرت والبعض يدخل الآن طور التغيير.. وللواقع مثلا فنحن نتناول الدجاج، ولكنه قطعا يختلف عن الدجاج الحقيقي الذي كنا نتناوله أيام زمان، وهو يختلف عن الدجاج الذي يتناوله آخرون في مسطحات خضراء.. لقد اختفت النكهة الطبيعية للدجاج نفسه من الداخل، ونسأل الله أن تبقى نكهة اللحم الحري كما هي من غير تغيير. بالأمس أعجبني كبشين أملحين.. قلت لصاحب الحلال اعطني، فقال لا أعطيك باقل من 850 ريالا للرأس الواحد.. قلت أعطيك سبعا ونخلص، فهز رأسه رافضا قبول العرض.. لننس اللحم لبرهة من الوقت فاللحوم الحمراء مضرة بالصحة، وإذا تناولها الإنسان، فيوم واحد أو اثنان في الأسبوع الواحد يكفي.. وأما الماء عذبا نقيا صرفا سلسا فكيف بنا نتذوقه ومن أين به نأتي ؟؟ للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 264 مسافة ثم الرسالة