أساتذة الجامعة يستوحون أفكارهم من خلال الحوار مع الطلاب، فمعظم الأبحاث التي يشرع الأساتذة في تطوير إجاباتها الصحيحة هي من بنات أفكار الطلاب، وكذلك الصحافيون من كتاب الأعمدة، لا يفترض فيهم إهمال أية رسائل ذات جدوى تأتيهم من القراء، فالقراء أذكياء وهم من خلال مرئياتهم يستطيعون تطوير أفكار الكاتب ومساعدته في أستذكار تجاربه وصياغة رؤاه. بالأمس كتب أحدهم في سياق موضوع حول التلوث البيئي قائلا «زرت عدة محافظات على الساحل الغربي منها أملج والوجه وحقل وينبع وكذلك بعض المدن الساحلية بماليزيا لم أجد رائحة كريهة مثل محافظة جدة» . هكذا كتب القارئ وللواقع تمثلت البعض من أفكاره لأنها تساعدني على استذكار الرؤية الصحيحة حول التلوث البيئي في بعض فضاءات العالم... هنا دعني أكتب إليك الآتي للواقع لا أعرف شيئا عن ينبع لأنني ببساطة لم يكتب لي المرور ولا المعيشة من خلالها، وكذلك أملج والوجه وحقل أيضا. لقد كتبت عن الموقف البيئي في مدينة جدة بحرا وجوا بحسب رؤيتي وحياتي لأنها مسقط رأسي ويبقى رأي القارئ محل تقدير.. ومع ذلك نحن لسنا الوحيدين في العالم ممن يطال التلوث حياتهم لدرجة الحذر.. في مصر مثلا اخترق التلوث البيئي نهر النيل في العمق. حاول المصريون علاجه من خلال ضخ كميات من الكلور في مياه الشرب، فأدى ذلك إلى انتشار أمراض الكلى بين مواطنين يسكنون المدن. ذات مرة سكنت في شقة مفروشة وعمدت إلى الثلاجة لشرب كوب من الماء. شربت جرعة واحدة وأحسست بداخلها نكهة الكلوركس وهذه حقيقة فألقيت باللوم على من جلب مياه الغسيل إلى الثلاجة، وقال لي العيال: يا بابا كل الناس تشرب من هذا الماء... قبل أن يأتي هؤلاء العيال إلى الدنيا قادتني الصدفة ذات مرة إلى فيينا العاصمة النمساوية وطلبت من «القهوجي» كأس ماء معدني ولم أستطع شرب جرعتين منه وقلت بصوت منخفض ..was ist das Wasser.. سكت الرجل لثوانٍ وقال لي إنه نفس الماء الذي طلبت.. وأجبته من وقتي وحيني أريد ماء عذبا .. frisches Wasser .. تعجب النادل، ورأيته يتجه إلى الصنبور العادي للماء وملأ كأسا وأعطانيه. تذوقته فوجدته ماء عذبا، ومن يومها صرت أغتسل وأشرب من نفس مياه الصنابير، فهي نظيفة وعذبة وتعمل على صيانة الصحة... هنا يحق للإنسان أن يتساءل إذا تجاوزت نسبة التلوث على شواطئنا العزيزة في جدة النسبة المعتادة في العالم بمائة مرة، وإذا كنا حذرين من مياه الصنابير لدرجة التوجس والقلق، فماذا نشرب وعلى أي كورنيش نقف. لقد ولدت هذه المدينة على ضفاف البحر، وامتهنت العمالة سابقا السقيا، وكنا نشرب المياه من البازان ونتجه إلى البحر نهاية الأسبوع مشيا على الأقدام، وفي غضون سنوات تغير الحال، فهل يعقل أن معدل التلوث على كورنيش جدة يتزايد إلى مائة ضعف، إذن ماذا يبقى له وماذا بإمكاننا أن نأخذ منه. [email protected] فاكس: 065431417 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة