الذكاء الاصطناعي ينجح في تنبيه الأطباء إلى مخاطر الانتحار    المدينة المنورة تسجّل أعلى كمية ب (49.2) ملم    أمطار جدة: الأمانة تتحرك.. الهلال الأحمر يتأهب.. والمطار ينصح    سفير فلسطين: شكراً حكومة المملكة لتقديمها خدمات لجميع مسلمي العالم    وزيرا الصحة و«الاجتماعية» بسورية: شكراً خادم الحرمين وولي العهد على الدعم المتواصل    المركز الوطني لإدارة الدين يعلن إتمام طرح سندات دولية بالدولار ضمن برنامج سندات حكومة المملكة الدولي بقيمة 12 مليار دولار أمريكي    تنامي السجلات التجارية المُصدرة ل 67 %    أمير المدينة المنورة يستقبل المواطن محمد اللهيبي المتنازل عن قاتل ابنته    قوات الاحتلال تواصل قصف المدنيين    «شاهقة» رابغ الأقوى.. المسند: خطيرة على السفن    في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين.. كلاسيكو مثير يجمع الهلال والاتحاد.. والتعاون يواجه القادسية    في ثاني مراحل رالي داكار السعودية 2025.. الراجحي والعطية في مقدمة فئة السيارات    محافظ الطائف: القيادة مهتمة وحريصة على توفير الخدمات للمواطنين في مواقعهم    جلوي بن عبدالعزيز يُكرِّم مدير عام التعليم السابق بالمنطقة    سلمان بن سلطان يستقبل اللهيبي المتنازل عن قاتل ابنته    هندي ينتحر بسبب «نكد» زوجته    النائب العام يتفقد مركز الحماية العدلية    بداية جديدة    أهمية التعبير والإملاء والخط في تأسيس الطلبة    ليلة السامري    846 مليار ريال قروضً عقارية من المصارف للأفراد والشركات    العداوة الداعمة    بلسان الجمل    احتياطات منع الحمل    البلاستيك الدقيق بوابة للسرطان والعقم    جهاز لحماية مرضى الكلى والقلب    سعود بن نهار يتفقد السيل والعطيف    استقالة رئيس الحكومة الكندية    سورية.. «خارطة طريق» نحو الاستقرار    خالد بن سعود يستعرض منجزات الهلال الأحمر في تبوك    اللهمّ صيّباً نافعاً    عبور 60 شاحنة إغاثية سعودية منفذ نصيب تحمل مساعدات للشعب السوري    القيادة رسمت مسار التنمية المستدامة والشاملة    ارتفاع العائدات يخفض أسعار الذهب    أمير حائل يفتتح «مهرجان حرفة»    وزير الخارجية يناقش المستجدات الإقليمية مع نظيره الأمريكي ومع آموس الوضع في لبنان    "ميلان" يُتوّج بلقب السوبر بعد تغلّبه على "إنتر ميلان" بثلاثية في الرياض    الفريق الفتحاوي يواصل استعداداته لمباراة الوحدة وإدارة النادي تفتح المدرجات مجاناً    "رافد للأوقاف" تنظم اللقاء الأول    عمر السومة يرحل عن العربي القطري ويعود للسعودية    سعود بن نايف يؤكد على جاهزية الجهات لموسم الأمطار    أمير تبوك ونائبه يعزيان البلوي    صافرة الفنزويلي "خيسوس" تضبط مواجهة الهلال والاتحاد    قمة عالمية سنوية للغة العربية    هل من حلول لارتفاع الإيجارات ؟!    حماية البذرة..!    لماذا الهلال ثابت ؟!    العالم يصافح المرأة السورية    مكة الأكثر أمطاراً في حالة الإثنين    «أبوظبي للغة العربية» يعزّز إستراتيجيته في قطاع النشر    "التراث" توقّع مذكرة تفاهم مع موتوكو كاتاكورا    روسيا تسيطر على كوراخوفو وكييف تلتزم الصمت    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيسة الجمهورية الهيلينية في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    زراعة جهاز على البطين الأيسر يجدد خلايا القلب 6 أضعاف السليم    قطاع ومستشفى بلّحمر يُفعّل "شتاء صحي" و"التغطية الصحية الشاملة"    غارات الاحتلال تودي بحياة عشرات الفلسطينيين في غزة    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الوليد بن طلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكلة الأخطاء الطبية وسؤال الاهتمام المؤسسي
بناء ثقافة سلامة المرضى يعزز الوقاية
نشر في عكاظ يوم 18 - 04 - 2010

على هامش ندوة عن الأخطاء الطبية، طالعتنا الصحف المحلية الأسبوع الماضي، بإحصائيات ولأول مرة عن الأخطاء الطبية في المملكة، تشير إلى أن هناك خطأ طبيا واحدا لكل مائتي ألف من سكان المملكة، وسواء اقتنعنا بهذا الرقم أم لم نقتنع، إلا أن هذا الرقم صغير جدا بالمقارنة بعدد الأخطاء الطبية التي ترتكب في دول متقدمة تمتلك أفضل أنظمة الرعاية الصحية والتي تصل إلى مئات الألوف في كل عام.
وبالرغم من إيجابية توجه المسؤولين في القطاع الصحي لاستخدام لغة الأرقام عند الحديث عن الأخطاء الطبية وجودة الرعاية الصحية، إلا أن قيمة هذه الأرقام ترتبط بدقتها ومصداقيتها.
من جانب آخر تشير الإحصائيات أيضا إلى أن هناك 1365 قضية ادعاء بحدوث الأخطاء الطبية، انتهت 168 منها فقط بقرار إدانة. أي أن عدد الأخطاء الطبية التي تصل إلى القضاء فعلا تمثل نسبة ضئيلة جدا من الأخطاء الطبية المرتكبة، وأن ما تثبت الإدانة فيه يمثل نسبة أقل تصل إلى 10 في المائة من إجمالي الإدعاءات.
قبل عشر سنوات صدر تقرير عن معهد الطب في الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1999 بعنوان (To Err is Human) أو «إن البشر يخطئون»، والذي قدر أن حوالى 44000 إلى 98000 من المرضى يموتون في المستشفيات الأمريكية سنويا نتيجة الأخطاء الطبية. ويشير تقرير ل ABC News إلى أن واحدا من بين 300 مريض تقريبا يتعرضون لخطر الوفاة بسبب خطأ طبي في المستشفيات في الدول المتقدمة، وهي نسبة عالية عند مقارنتها مع حوادث الطيران، إذ إن احتمال التعرض للموت في حادث طيران هو واحد لكل 10 ملايين.
ومنذ ذلك الحين، تعتبر المستشفيات أماكن خطرة قد يتعرض فيها المرء لضرر بالغ نتيجة للإهمال والتقصير أو الخطأ غير المقصود.
وهناك أنواع عديدة من الأخطاء الطبية والأحداث السلبية التي قد يتعرض لها المرضى في المستشفيات ومنها الأخطاء الدوائية والجراحية، وأخطاء التشخيص، وتعطل الأجهزة والمعدات، والإصابة بالعدوى والالتهابات إضافة إلى تأخر تلقي الرعاية وغيرها.
ولا تنحصر الآثار السلبية للأخطاء الطبية في تفاقم المرض أو خسارة الأرواح أو العجز والإعاقة فحسب، ولكن يترتب على الأخطاء الطبية تكاليف مادية تقدر بحوالى 37.6 مليار دولار سنويا، منها 17 مليار دولار ناتجة عن أحداث سلبية أو أخطاء كان بالإمكان تلافي حدوثها.
بغض النظر عن التكلفة المالية والبشرية، فإن الأخطاء الطبية تكلف نظم الرعاية الصحية مصداقيتها وثقة المجتمع فيها، ففي بداية القرن العشرين تمتعت المستشفيات في الولايات المتحدة بنوع من الحصانة التاريخية بصفتها منظمات خيرية تهدف للنفع العام، في إطار ما يعرف بمبدأ الحصانة الخيرية (Charitable Immunity)، وبعد عدد من قضايا الأخطاء الطبية الشهيرة، ألغت المحاكم الأمريكية مبدأ الحصانة الخيرية، معتبرة المستشفيات مسؤولة عن أي إهمال أو تقصير يعرض المرضى للخطر.
وبالرغم من أن المنظمات الصحية في مختلف أنحاء العالم المتقدم تحملت مسؤولية المحافظة على سلامة المرضى وتبذل جهودا كبيرة للوقاية من تعرض المرضى للضرر أثناء تلقيهم الرعاية فيها، إلا أن مشكلة الأخطاء الطبية لدينا لا تزال لا تحظى بالاهتمام المؤسسي المتمثل في الإجراءات والتدابير والأنظمة الوقائية التي تعزز سلامة المرضى، ولا تزال المستشفيات تتعامل مع الأخطاء والأحداث السلبية بأسلوب رد الفعل الذي يختلف من حالة لأخرى، فهناك حالات تحظى باهتمام إعلامي كبير، نجد فيها المستشفيات ومتخذي القرار بطبيعة الحال يتفاعلون بطريقة مختلفة عن الحالات التي لم تجد طريقها إلى وسائل الإعلام. وفي كل حالة يسارع الكتاب للكتابة والصحافيون لتقصي الأسباب، والمسؤولون للتنصل من المسؤولية، أو البحث عن كبش فداء، قد يكون المريض نفسه.
وفي حين يسارع مقدمو الرعاية الصحية في العالم من أطباء وغيرهم إلى تأسيس نظم الجودة والسلامة وتطوير الممارسة بشكل مستمر، نجد مقدمي الرعاية عندنا يتجاهلون المشكلة، ولا يعترفون بوجودها ولا يحركون ساكنا للتعامل معها، بل ويطالبون بحصانة تحت مظلة القضاء والقدر.. آن الأوان لبناء ثقافة سلامة المرضى (Patient Safety Culture) في المنظمات الصحية وتأسيس الأنظمة التي تساعد على الوقاية من الأخطاء ورصد حدوثها الفعلي أو الوشيك، حتى وإن لم يترتب عليها أي ضرر للمريض، إذ إن الخطأ يعد فرصة للتعلم من الأخطاء، وتلافيها مستقبلا من أجل رعاية صحية آمنة.
* أستاذ الإدارة الصحية المشارك معهد الإدارة العامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.