أكد ل«عكاظ» مختصون قانونيون أن التداخل في الاختصاصات القضائية بين المحاكم، كان السبب الرئيس وراء نقض محكمة الاستئناف للأحكام الصادرة في مساهمات سوا أربع مرات متتالية، وأن القرار الأخير للهيئة بتغيير ناظر القضية سيكلف المساهمين المتضررين مزيدا من السنين في انتظار حصولهم على ما خسروه من أموال. وأكد المختصون على ضرورة فصل الدعاوى المقامة في الحق الخاص، وعدم جمع المطالب في دعوى واحدة، حتى لا تكون بذلك قضية تجارية وتخرج عن اختصاص المحكمة الجزئية. وأكد ل«عكاظ» أستاذ القانون الاقتصادي في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور نايف الشريف «قضية سوا لم تعالج بالشكل الصحيح منذ البداية، بسبب سوء تكييف القضية، التضارب في الاختصاص القضائي، كثرة المتهمين، تشابك العلاقات، عدم إدخال بعض الأطراف الرئيسة في الدعوى مما أدى في النهاية إلى تأخر البت في القضية». وبين أن المشكلة الرئيسة التي ساهمت في ضياع أموال المساهمين تتمثل في التداخل في الاختصاص بين المحكمة الجزئية التي نظرت دعوى الحق العام والمحكمة العامة المختصة بنظر دعاوى الحق الخاص، وطالما أن هناك ارتباطا بين الدعوى الجنائية والدعاوى المدنية، فكان ينبغي على قضاة المحكمة العامة التريث إلى حين صدور حكم من المحكمة الجزئية. وأضاف الشريف «المادة 205 من نظام الإجراءات الجزائية أجازت لمحكمة الاستئناف أنه إذا كان موضوع الحكم المعترض عليه بحالته صالحا للحكم واستدعت ظروف الدعوى سرعة الإجراء أن تحكم في الموضوع، وفي هذه الحالة يجب أن يكون الحكم في حضور الخصوم وسماع أقوالهم ويكون حكمها نافذا بالإجماع أو الأكثرية»، متسائلا: هل الأحكام المعترض عليها والمتعلقة بقضية سوا صالحة لأن تتصدى لها محكمة الاستئناف، وهل تقدم المساهمون للمحكمة الجزئية بدعاوى في الحق الخاص؟. وعن إمكانية إعادة أموال المتضررين من مساهمات سوا الوهمية، أشار إلى أن «القاعدة العامة تقضي بأن (الجنائي يعقل المدني)، وطالما أن قاضي المحكمة الجزئية نظر دعاوى الحق العام، فإن المساهمين يستطيعون الحصول على حقوقهم من خلال رفع دعاوى أمام المحكمة العامة، علما أن هناك مساهمين سبق أن حصلوا على أحكام نهائية، لكنهم للأسف لم يستطيعوا التنفيذ على أموال المدعى عليهم بسبب تمكنهم من الحصول على أحكام إعسار». من جهته، قال الدكتور ماجد قاروب (محام ومستشار قانوني)، إن قضية سوا وما انتهت إليه من نقض لجميع الأحكام الصادرة فيها أعطت درسا في أهمية تطوير قطاعات القضاء كافة. واعتبر قرار محكمة الاستئناف «سليما»، لأن ناظر القضية اتجه للحكم في الحق العام وهمش حقوق المساهمين المتضررين، مبينا أن تعيين قاض جديد للقضية سيتسبب في تأخير الحكم فيها مجددا، إلا أن ذلك يخدم المصلحة العامة للقضية. ويرى قاروب أن نظام المحاكم الجديدة المنتظر إقامتها ستسهم في عملية تحسين مرافق القضاء عامة، وأن تنازعها في الاختصاصات يعتبر ناحية إيجابية على عكس ما حصل في قضية سوا حين تداخلت اختصاصات المحكمتين العامة والجزئية. وعن الحل الأمثل لإعادة أموال متضرري القضية، قال «لا بد من فصل الدعاوى حتى تكون فردية، وتوكيل محامين مختصين يتولون الترافع فيها أمام المحاكم المختصة». وأكد أن المحكمة الجزئية لا بد أن تحدد نوع قضية سوا؛ إما أن تكون نصب واحتيال، أو إفلاس مساهمة، أو عملية تجارية احتيالية؛ حتى يمكن لها إنزال العقوبات المناسبة على المخالفين، أو إحالتها لجهات مختصة. المحامي هاشم كوشك أكد أن النظام يجيز لمحكمة الاستئناف التصدي للقضية والحكم فيها بواسطة الدوائر القانونية، حفاظا منها على أموال المساهمين وبعيدا عن المحكمة الجزئية، معتبرا تصرف ناظر القضية السابق بالصائب، كونه اتجه للحكم فيها باعتبارها قضية جنائية وأخذ في الاعتبار الحكم في الحقوق الخاصة بعد الحكم للحق العام. وكانت محكمة الاستئناف قد ردت ملف قضية مساهمات سوا للمحكمة الجزئية، وأرفقت معها خمس ملاحظات موجهة لناظر ملف القضية الشيخ عابد الأزوري وطالبت بتغيير الأحكام الصادرة، وفصل كل دعوى عن الأخرى. وتأتي هذه التطورات في ملف مساهمات سوا، بعد الحكم على المتهم الرئيس في القضية عبد العزيز الجهني بالسجن 20 عاما، و1000 جلدة متفرقة للحق العام، وإلزامه برد حقوق جميع المتضررين من مساهمته الوهمية. يذكر أن عدد الأسماء المدونة في لائحة الادعاء العام للمدعين في مساهمات سوا بلغ 40 ألف مساهم قدرت أموالهم بمليار و200 مليون ريال، في حين لم يتبق في حساب الجهني من قيمة المساهمة سوى خمسة ملايين ريال تحفظت عليها الجهات المعنية بالقضية، إضافة إلى نصف مليون ريال قيمة سياراته التي بيعت قبل أكثر من ثلاثة أشهر في مزاد علني.