استعاد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة في مقر وزارة الخارجية في الرياض أمس أبرز محطات مسيرته في العمل الدبلوماسي. وتوجه خوجة لسفراء خادم الحرمين الشريفين في مختلف بلدان العالم، في الاجتماع العام الثاني لرؤساء بعثات المملكة في الخارج، ضمن المحور الإعلامي لخطة وزارة الخارجية الاستراتيجية الخمسية، قائلا: «إن هذا اللقاء أعادني إلى أجمل سنوات العمر، تلك السنوات التي أضافت لي تجارب أغنتني، حتى إنني أستطيع أن أقول إن عملي سفيرا أعاد تكويني، وغير مسار حياتي وطوف بي في دروب الحياة شرقا وغربا». واستعرض خوجة تجربته في العمل الدبلوماسي، ومنها محطته الأولى إلى دنيا الدبلوماسية (تركيا).. ثم (روسيا)، «حيث الجليد والصقيع»، وصولا إلى أقصى هذا الوطن العربي الكبير (المغرب). وأردف قائلا: «ثم عاد بي الشوق مشرقيا حين ألقيت مرساتي على شواطئ لبنان، فرأيت هناك الجمال والبهاء حقيقة لا تخطئها العين، وكانت فترة عملي الدبلوماسي في لبنان معتركا للتجربة الدبلوماسية في ذراها، خاصة أنني شرفت في مرحلتي اللبنانية بأن أكون قريبا من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي كان دائم التوجيه لي بتوجيهاته السديدة التي كانت تصب كلها في مصلحة لبنان أرضه وإنسانه وسيادته، وكان خادم الحرمين الشريفين يردد دائما إن لبنان واللبنانيين في قلوبنا، وعرف فيه الأشقاء اللبنانيون حبه لبلادهم وحرصه على أمنها وسيادتها». وتابع «وفي لبنان حيث يعيش أجواءه كل ألوان الطيف السياسي في وقت واحد، تلمست بنفسي عمق التجربة الدبلوماسية السعودية في حكمتها وبعد نظرها، وكنت في لبنان كما في مواقعي السابقة، أرقب عن كثب الدبلوماسي والخبير بشؤون السياسة، وشجونها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وهو أنموذج عالمي نادر في السياسة الدولية، بما حباه الله من مزايا ذاتية، وعمق ثقافي وبديهة لامعة يعرفها كل من شرف بالعمل معه». وتابع خوجة «أن تكون «سفيرا» يعني أن تظل على مسافة، وأن تفكر دائما في الأمكنة، وأن تكون قارئا جيدا لوجوه الناس وأشكالهم وأسمائهم، وأن تكون بعيدا وقريبا في وقت واحد داخل المجتمع وخارجه، وهنا تكمن الصعوبة»، مؤكدا أن العمل سفيرا ليس كأي عمل؛ لأنه يتطلب مزايا شاقة وسمات شخصية دقيقة تنصهر في شخص واحد يكون خلاصة لوطنه. وشدد على أهمية الإلمام بثقافة الشعوب، وقال: كنت في محطاتي الدبلوماسية كلها أحس بقيمة «الثقافة» التي تسرع في تجسير الفجوة بين السفير ومسؤولي أي دولة يلقي عصاه فيها، ولطالما رأيت الفرح الشفيف في وجوه عدد من القادة والمسؤولين الذين التقيت بهم خلال 25 عاما حينما أحدثهم عن الأدب والثقافة والفكر في بلادهم، وأشعر أن الثقافة تدلل المتحلين بها، وتكسر كل الحواجز. ومضى قائلا: «فلطالما أخبرتنا كتب التاريخ والأدب عن ذلك الخليفة أو الوالي الذي بعث شاعرا في سفارة له، وفي العصر الحديث كان للشعراء مواقعهم في العمل الدبلوماسي فنزار قباني، وعمر أبو ريشة، وحسن عبد الله القرشي، ومحمد باخطمة، وحسن اللوزي، وغازي القصيبي، كانوا سفراء وشعراء، وكأن أصحاب القرار من القادة عرفوا أن الشاعر يزداد شعره وهجا إذا ما عاش الغربة والترحال، ولا أخفي عليكم سرا أن ارتباط الشعر بالسفارة والدبلوماسية جعلهما قريبين من قلبي وعقلي».