استوقفتني مجموعة من طلاب كلية السياحة والآثار بعد واحدة من جلسات ملتقى السفر والاستثمار السياحي الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار في الرياض الأسبوع الماضي، وأثناء الاستيقاف تمت محاصرتي بأسئلة لم أجد إلا التسليم بصحتها ودقتها وتأييدهم في اعتراضهم على واقع جيلهم عندما يبدأ كل واحد منهم في أداء دور البطولة لمسلسل «أفتش عن وظيفة»، كحق مشروع لا يمكن سلبه عطفا على سنوات مضت وانقضت في تخصصات بعد أن أوشكنا على التخرج منها، يقولون لنا: تخصصكم غير مطلوب. الطلاب كانوا معترضين على عبارة أوردتها في مقدمة الجلسة، عندما أكدت على المقولة الفرنسية التي أصبحت شعارا «رأسماليا» معلقا في ميادين الاستثمار البشري، يوم أن قالوا «دعه يعمل .. دعه يمر»، كتأسيس لحق الأفراد في ممارسة الأعمال التي تتفق مع رغباتهم وتأهيلهم، ووجه اعتراض الطلاب كان السؤال عن تطابق تلك المقولة مع واقعنا، فنحن لم نعمل أصلا ، وكثيرون من حملة الشهادات الجامعية «يتسدحون» في منازلهم ليس كسلا وإنما فرض، بسبب الحواجز الكثيرة التي لم تسمح لهم بالمرور، فعن أي استثمار بشري تتحدث؟. اللافت في الأمر .. أن الجلسة كانت عن التوظيف واستضافت العديد من رجال الأعمال الفاعلين في مجال السفر والسياحة، واتفق «هوامير» السياحة جميعا على أن الوظائف السياحية «دنيا»، وأن الشاب السعودي «متسيب» فيها بسبب قلة الدخل ولا توجد لديه ثقافة عمل وإنتاج، وكل متحدث في ورقته أشهر «سوطه» حاملا لغة مبطنة تحوي لاءات ثلاث: أنتم لا تنفعون، لا تعرفون، لا تفهمون، وبالطبع الفهيم والعارف والنافع هو العامل الأجنبي «بتاع كله»، والشاب السعودي الطامح عليه أن ينحت في الصخر مع كثير من «طلبتك»، وحب الخشوم ليجد له مجالا يتناسب مع شهادة قضى فيها أربعا من السنين. إن تلك اللغة التي تنال من شغف روح الشباب الغضة، أصابت العديد منهم في مقتل الحط من القدرات، وحولت الشاب الطامح إلى معادلة «كيفما اتفق»، أو على حسب تعبير الإخوة المصريين: «زي ما تيجي تيجي»، وأصبح الإصرار عند الشباب مرادفا لل «العبط»، في عرفنا الاجتماعي، وأكثر من ذلك .. حتى التخصصات ذات الغد المشرق تفنن «هواميرنا» في الحط من عطاءات شبابنا، وأصبح هم شركاتهم أكبر نسبة استحواذ لعقود صندوق الموارد البشرية وبتغيير الشعار: دعه يتدرب .. دعه يمسك الباب!!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة